كتاب محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
وقد جُهِدَ، ثم بعث الغد عمر بن الخطاب فقاتل، ثم رجع ولم يكن فتح، وقد جُهِدَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، يفتح الله على يده، ليس بفرار". قال سلمة: فدعا رسول الله عليّاً رضي الله غنه وهو أرمد فتفل في عينيه، ثم قال: "خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك"، قال يقول سلمة: فخرج والله بها يهرول هرولة وإنا لخلفه نبتع أثره حتى ركز رأيته في رَضْم1 من حجارة تحت الحصن، فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن، قال: "من أنت؟ "، قال: "أنا عليّ بن أبي طالب"، قال: فقال اليهودي: "غلبتم وما أنزل الله على موسى عليه السلام". أو كما قال، قال: فما رجع حتى فتح الله على يديه رضي الله غنه"2.
وفيه عن الوليد3: أن رجلاً من بني سليم كبير السن كان ممنأدرك أبا ذرّ بالربذة4 بيناهو قاعد يوماً في ذلك المجلس، وأبو ذر في المجلس، إذ ذكر
__________
1 الرَّضْم: صخور عظام يُرضمُ بعضها فوق بعضٍ في الأبنية. (القاموس ص 1439) .
2 الروياني: المسند جـ 2 ق 200 / ب، 201 / أ، والحارث: المسند كما في بغية الباحث 2/708، وأبو نعيم: الحلية 1/62، من طريق الحارث، ومداره على سفيان ابن فروة الأسلمي ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. (الجرح 2/219) . قال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث بريدة عن أبيه في زيادات وألفاظ لم يتابع عليها، وصحّحه من حديث يزيد بن أبي عبيدة، عن سلمة بن الأكوع". وذكره البوصيري: الإتحاف 3/107، وسكت عليه، وابن حجر: المطالب العالية 4/240، وعزاه للحارث. وأخرجه مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1872، عن سلمة بن الأكوع وغيره، وذكره ابن حجر: التلخيص 4/106. وقال: "رواه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع مطولاً".
3 الوليد بن سويد يروي عن رجل من بني سليم عن أبي ذر، روى عن الزهري. (ابن حبان: الثقات 7/550) .
4 الربذة: قرية قديمة واقعة على طريق حاج بغداد القديم، وقد خربت هذه القرية وأصبحت خالية من السكان، وتسمى الآن البركة لوجود بركة عامر فيها، وتبعد عن المدينة مئة وخمسين كيلاً. (عالية نجد 2/570، معجم معالم الحجاز 4/2) .