كتاب محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

المربد1 زمان الأقط والسمن، قال: والأعراب تجول بذلك، فإذا أنا برجل طامح2 بصره ينظر إلى الناس، فظننته غريباً فدنوت منه، فقال: "أمن أهل هذه أنت؟ "، قلت: "نعم". قال: "ألا أحدّثك حديثاً شهدته من عمر بن الخطّاب رضي الله غنه؟ "، قلت: "ومن أنت؟ "، قال: "كهمس3 رجل من بني هلال، أو من بني سلول، إني كنت عند عمر بن الخطّاب أتته امرأته فقالت: "يا أمير المؤمنين، إن زوجي قد كثر شرّه، وقلّ خيره". قال لها عمر: "ومن زوجك؟ "، قالت: "أبو سلمة"، قال: فعرفه عمر رضي الله غنه، فإذا رجل له صحبة، فقال لهاعمر: "ما نعلم من زوجك إلاّ خيراً"، ثم قال لرجل عنده: "ما تقول أنت؟ "، فقال: "يا أمير المؤمنين، لا نعلم إلاّ ذلك". فأرسل إلى زوجها وأمرها فقعدت خلف ظهره، فلم يلبث أن جاء الرجل مع زوجها، فقال له عمر: "أتعرف هذه؟ "، قال: "ومن هذه يا أمير المؤمنين؟ "، قال: "هذه امرأتك"، قال: "وتقول ماذا؟ "، قال: "تزعم أنه كثر شرُّكَ وقلَّ خيرُك"، قال: "بئسما قالت يا أمير المؤمنين، والله إنّها لأكثر نسائها كسوة، وأكثره رفاهية بيتٍ، ولكن بعلها بَكيء"4. فقال: "ما تقولين؟ "، قالت: "صدق". فأخذ
__________
1 المربد: من أشهر محال البصرة، وكان سوق الإبل فيه قديماً، ثم صار محلة عظيمة سكنها الناس، وبه كانت مفاخرات الشعراء ومجالس الخطباء. (معجم البلدان 5/98) .
2 طمح بصره إليه: ارتفع. (القاموس ص 296) .
3 صحابي سكن البصرة. (الثقات لابن حبان 3/356، الإصابة 6/314) .
4 بكئءٌ وبكئيةٌ: الناقة والشاة إذا قلّ لَبَنُها. (النهاية 1/148) ، وكأنه يعني أن زوجها لا يستطيع الجماع.

الصفحة 999