كتاب دليل الداعية

عبارة عن كلمة توجيهية تناسب المقام، وحال السامعين غير محددة بزمن معين، يفضل أن تشتمل على ما يلين قلوب السامعين ليستعد السامع لفعل الخير، والاستجابة له "والموعظة في معناها تدل على جمع الرغبة بالرهبة، والإنذار بالبشارة، ولهذا قال ابن عطية: "الموعظة الحسنة التخويف والترجئة، والتلطف بالإنسان تجله وتنشطه، وتجعله بصورة من يقبل الفضائل". أما الموعظة الحسنة فلما كان المقصود منها غالبًا ردع نفس الموعظة عن أعمال سيئة، أو عن توقع ذلك منه، كانت مظنة لصدور غلظة من الواعظ، ولحصول إنكسار في نفس الموعوظ"1.
ومما ينبغي أن يراعيه الداعية أن تكون الموعظة مختصرة، ومركزة وفي وقت مناسب ففي صحيح البخاري من حديث ابن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كان يتخولهم بالموعظة كراهة السآمة عليهم" 2.
ومما تقدم يتضح أن المحاضرات، والندوات وخطب الجمع والعيدين والنوازل، والمواعظ سمة وعلامة للدعوة الإسلامية، حيث: "أن الخطابة عماد الدعوة من جهة المناهج وطرائق البيان، إذ هي الوسيلة المثلى في تبليغ دين الله وشرعه إلى الناس مباشرة مشافهة، ولقد اعتمد عليها الرسل عليهم الصلاة والسلام في تبليغ رسالة الله ونشر هذا الدين، وقد أولى الدين الحنيف الخطابة عناية خاصة يتضح ذلك من خلال سيرة إمام الدعاة، وقدوة الواعظين -صلى الله عليه وسلم، حتى غدت معلمًا بارزًا من معالم المجتمع الإسلامي، إذ شرعت خطبة الجمعة
__________
1 عن كتاب مفهوم الحكمة في الدعوة. دكتور صالح بن حميد "ص11، 12".
2 فتح الباري: "1/ 163".

الصفحة 177