كتاب دليل الداعية

الأفراد تربية متكاملة، فلا تقتصر أخي الداعية على جانب واحد، وتهمل الباقي بل عليك أن تطرق جميع الأبواب وتسلك جميع السبل، وهذا ما يسمى بالشمولية في التربية، لكن الدعوة الفردية تكون أنجح من الدعوة الجماعية العامة، ولا مانع أن يجمع الداعية هذه وتلك، فالمطلوب من الداعية الشمولية في الدعوة كل على قدر استطاعته، وقدراته وما يتاح له من طرق ووسائل، فصاحب المال يبذل ماله للدعوة وصاحب الجاه يبذل جاهه في تسهيل مهمة الدعاة، وفتح أبواب الدعوة أمامهم، المهم أن يعمل الداعية، ويبذل ويجتهد ولا يكل ولا يمل، ولا يتقاعس فالدعاة يكمل بعضهم بعضًا فمنهم الإداري الناجح، والإداري الدعوي الموفق، والمخطط الماهر والخطيب المفوه والواعظ الحكيم، والموزع الناجح، والصحفي المشهور، والمذيع الفصيح، والكاتب البليغ إلى غير ذلك من الأبواب المتنوعة، والمتعددة أمام الدعاة، لكن على الداعية المتابعة لعمله الدعوي سواءً كان عمله جماعيًّا أو فرديًّا أو كلاهما، فالداعية مثله كالمزارع الذي زرع زرعًا، إن تعاهده وسقاه واعنتى به أثمر وأينع، وإن أهمله وتركه ضعف، وأصفر وصار هشيمًا تذوره الرياح "إن كثيرًا من الناس يجهل أهمية الدعوة الفردية، وذلك ظنا منهم أن الدعوة ينبغي أن تكون للناس عامة، وذلك بإلقاء المواعظ والمحاضرات والدروس العامة، والحقيقة أن هذا لا يكفي، فالدعوة الفردية تكون نافعة في أغلب الأحيان أكثر من الدعوة الجماعية، ولهذا نجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اهتم بالدعوة الفردية خاصة في أول مراحل الدعوة، فقد كان وضع اللبنات الأساسية للدولة الإسلامية من طريق الدعوة الفردية التي أثرت في الناس أيما تأثير، فجعلت الأفراد المتمسكين بهذا الدين

الصفحة 185