كتاب دليل الداعية

بتوصيل العلم له عن طريق إقامة الدروس الدائمة والمستمرة، أو عن طريق نشر العلم في مجتمعات الناس، وأفرادهم فالعلم لا بد من نشره وتوصيله إلى جميع الناس، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد قال: "بلغوا عني ولو آية" 1. ويقول -صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع" 2. ومما ينبغي عمله تفقد أحوال المدعوين ومن يحض الدروس، والسؤال عن أحوالهم كما هو نهجه -صلى الله عليه وسلم- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- افتقد ثابت بن قيس -رضي الله عنه، فقال رجل: "يا رسول الله أنا أعلم لك علمه". فأتاه فوجده جالسا في بيته منكسا رأسه، فقال: "ما شأنك؟ " فقال: "شر، كان يرفع صوته فوق صوت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد حبط عمله، وهو من أهل النار"، فأتى الرجل فأخبره أنه قال: "كذا وكذا" فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكن من أهل الجنة" 3.
"وقد تفقد -صلى الله عليه وسلم- من غاب عن حلقته بسبب حزنه على وفاة ابنه. وكان صحابي يحضر حلقة الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- مع ابن له، وكان الرجل يحبه حبًّا شديدًا، فمات الولد، وامتنع الرجل أن يحضر الحلقة حزنًا على ابنه. ففقده النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأل عنه فأخبر عن حاله، فلقيه وعزاه. وروى الإمام النسائي عن معاوية بن قرة عن أبيه -رضي الله عنه- قال: "كان نبي الله -صلى الله عليه وسلم- إذا جلس إليه نفر من أصحابه، وفيهم رجل له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه، فهلك، فامتنع الرجل أن يحضر
__________
1 رواه الإمام البخاري 3461.
2 رواه الإمام أحمد في مسنده "1/ 437".
3 صحيح الإمام البخاري، كتاب المناقب، الحديث "3613"، "6/ 620".

الصفحة 188