كتاب دليل الداعية

بل لا بد من التميز، ليميز الله الخبيث من الطيب. فتنبه لهذا وكن على حذر من أمرك، فما أحوج طلبة العلم وشباب الدعوة إلى أن يتأدبوا بآداب الإسلام الشرعية، ويتخلقوا بأخلاق الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة وسلف الأمة في مناصحتهم لولاة المسلمين وعامتهم. دون التشهير وإثارة الخلاف. كما على الدعاة أن يتحلوا أيضًا بهذه الصفات الشرعية والأخلاق النبوية فيما بينهم إذا تحاوروا في مسألة من المسائل الشرعية، حفاظا لأنفسهم من الوقوع في الفتنة والتشهير والجدال والخصام. قال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} 1. فالتنازع والنزاع، والاختلاف شر كله، ومذهب للقوة، ومسبب للضعف وللشحناء والبغضاء، وقاتل للوقت ومضيع للجهد، ومفرق للجماعة، ومضعف لجهودها، بينما ينتج عن التطاوع -وهو الاستعداد من الطرفين بالتنازل عن بعض الأمور- الألفة، والقوة، والمحبة، والتعاون، والراحة النفسية، وكثرة الإنتاج، والرخاء في المعيشة، وخلق التطاوع كان واضحا بين الصحابة، وقد كان من دعائه -صلى الله عليه وسلم- كما روت عائشة -رضي الله عنها- عندما سألها عبد الرحمن بن عوف بأي شيء كان نبي الله -صلى الله عليه وسلم- بفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: "اللهم رب جبرائيل، وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات، والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم" 2. وأخطر ما يكون التنازع في
__________
1 سورة الأنفال: الآية 46.
2 صحيح الإمام مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها "770".

الصفحة 47