كتاب معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (اسم الجزء: 6)

زكريا ما تقول في الشافعي؟ فقال: دعنا لو كان الكذب له مطلقا لكانت مروءته تمنعه أن يكذب.
وباسناده «1» إلى عبد الملك الميموني قال: كنت عند أحمد بن حنبل وجرى ذكر الشافعي، فرأيت أحمد يرفعه وقال: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يقرر لها دينها، فكان عمر بن عبد العزيز في رأس المائة الأولى، وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المائة الأخرى.
وباسناده: قال الشيخ أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه يقول: كنا في مجلس القاضي أبي العباس ابن سريج سنة ثلاث وثلاثمائة، فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال له: أبشر أيها القاضي فان الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها أمر دينها، وانه تعالى بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز وتوفي سنة ثلاث ومائة، وبعث على رأس المائتين أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي وتوفي سنة أربع ومائتين، وبعثك على رأس الثلاثمائة، ثم أنشأ يقول:
اثنان قد مضيا فبورك فيهما ... عمر الخليفة ثم حلف السؤدد
الشافعيّ الألمعيّ محمد ... إرث النبوة وابن عمّ محمد
أبشر أبا العباس إنك ثالث ... من بعدهم سقيا لنوبة أحمد
قال: فصاح القاضي وبكى وقال: إن هذا الرجل قد نعى إليّ نفسي. قال فمات القاضي أبو العباس في تلك السنة.
وذكر الخطيب في «تاريخه» أن ابن سريج مات سنة ست وثلاثمائة.
وباسناد البيهقي إلى داود بن علي الأصبهاني أنه قال «2» : اجتمع للشافعي من الفضائل ما لم يجتمع لغيره، فأوّل ذلك شرف نفسه ومنصبه وأنه من رهط النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها صحة الدين وسلامة الاعتقاد من الأهواء والبدع، ومنها سخاوة النفس، ومنها معرفته بصحة الحديث وسقمه، ومنها معرفته بناسخ الحديث ومنسوخه، ومنها حفظه لكتاب الله وحفظه لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بسير النبي صلى الله عليه وسلم وبسير خلفائه، ومنها

الصفحة 2411