كتاب معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (اسم الجزء: 6)

البردان، واشتهر اسمه في العلم وشاع خبره بالفهم والتقدم.
قال عبد العزيز بن هارون: لما دخل أبو جعفر إلى الدينور ماضيا إلى طبرستان دعاه بعض أهل العلم بها، فلما اجتمعا قلت: يا أبا جعفر ما يحسن بنا أن نجتمع ولا نتذاكر، فقال عبد الله بن حمدان: قد ذاكرته فأغربت عليه خمسة وثمانين حديثا، وأغرب عليّ ثمانية عشر حديثا. قال عبد العزيز: ثم لقيت بعد ذلك أبا بكر ابن سهل الدينوري، وكان من العلماء والحفاظ للحديث، فحدثته بذلك فقال: كذب والله الذي لا إله إلا هو، لقد قدم إلينا أبو جعفر فدعاه المعروف بالكسائي، ودعا معه أهل العلم وكنت حاضرا ومعنا ابن حمدان، فقرأ على أبي جعفر كتاب الجنائز من «الاختلاف» فقال له أبو جعفر: ليس يصلح لنا أن نفترق من غير مذاكرة، وهذا كتاب الجنائز فنتذاكر بمسنده ومقطوعه وما اختلف فيه الصحابة والتابعون والعلماء، فقال ابن حمدان: أما المسند فأذاكر به وأما سواه فلا أذاكر به، فأغرب عليه ثلاثة وثمانين حديثا وأغرب عليه ابن حمدان ثمانية عشر حديثا. قال: وكان ابن حمدان فيما أغرب به على أبي جعفر أقبح مما أغرب به أبو جعفر لأنه كان إذا أغرب ابن حمدان بحديث قال له أبو جعفر هذا خطأ من جهة كذا ومثلي لا يذاكر به، فيخجل وينقطع. فلما قدم إلى بغداد من طبرستان بعد رجوعه إليها تعصب عليه أبو عبد الله الجصاص وجعفر بن عرفة والبياضي، وقصده الحنابلة فسألوه عن أحمد بن حنبل في الجامع يوم الجمعة، وعن حديث الجلوس على العرش، فقال أبو جعفر: أما أحمد بن حنبل فلا يعدّ خلافه، فقالوا له: فقد ذكره العلماء في الاختلاف، فقال: ما رأيته روي عنه، ولا رأيت له أصحابا يعوّل عليهم، وأما حديث الجلوس على العرش فمحال، ثم أنشد:
سبحان من ليس له أنيس ... ولا له في عرشه جليس
فلما سمع ذلك الحنابلة منه وأصحاب الحديث وثبوا ورموه بمحابرهم، وقيل كانت ألوفا، فقام أبو جعفر بنفسه ودخل داره، فرموا داره بالحجارة حتى صار على بابه كالتلّ العظيم، وركب نازوك صاحب الشرطة في عشرات ألوف من الجند يمنع عنه العامة، ووقف على بابه يوما إلى الليل وأمر برفع الحجارة عنه، وكان قد كتب على بابه:
سبحان من ليس له أنيس ... ولا له في عرشه جليس

الصفحة 2450