كتاب معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (اسم الجزء: 6)

الأصول» ذكر في باب الاجماع عن أبي جعفر الطبري أن الاجماع عنده إجماع هؤلاء المقدّم ذكرهم الثمانية نفر دون غيرهم تقليدا منه لما قال أبو جعفر «اجمعوا وأجمعت الحجة على كذا» ثم قال في تصدير باب الخلاف «ثم اختلفوا فقال مالك وقال الاوزاعي كذا وقال فلان كذا» ان الذين حكى عنهم الاجماع هم الذين حكى عنهم الاختلاف، وهذا غلط من ابن داود ولو رجع إلى كتابه في «رسالة اللطيف» وفي «رسالة الاختلاف» وما أودعه كثيرا من كتبه من ان الاجماع هو نقل المتواترين لما أجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآثار دون أن يكون ذلك رأيا ومأخوذا جهة القياس لعلم ان ما ذهب إليه من ذلك غلط فاحش وخطأ بين.
وكان أبو جعفر يفضل «كتاب الاختلاف» وهو أول ما صنف من كتبه، وكان يقول كثيرا: لي كتابان لا يستغني عنهما فقيه: الاختلاف واللطيف.
وكتاب الاختلاف نحو ثلاثة آلاف ورقة، ولم يستقص فيه اختياره لأجل أنه قد جوّد ذلك في «كتاب اللطيف» ولئلا يتكرر كلامه في ذلك. وقد كان جعل لكتاب الاختلاف رسالة بدأ بها ثم قطعها، ذكر فيها [لدى] الكلام في الاجماع وأخبار الآحاد العدول زيادات ليست في كتاب اللطيف وشيئا من الكلام في المراسيل والناسخ والمنسوخ.
وله كتاب الشروط المسمى أمثلة العدول، وهو من جيد كتبه التي يعوّل عليها أهل مدينة السلام؛ وكان أبو جعفر مقدما في علم الشروط قيما به.
ومن جياد كتبه: كتابه المسمى ب «كتاب لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام» وهو مجموع مذهبه الذي يعوّل عليه جميع أصحابه، وهو من أنفس كتبه وكتب الفقهاء وأفضل أمهات المذاهب وأسدّها تصنيفا، ومن قرأه وتدبره رأى ذلك إن شاء الله. وكان أبو بكر ابن راميك يقول: ما عمل كتاب في مذهب أجود من كتاب أبي جعفر «اللطيف» لمذهبه، وكان يعتذر في اختصاره كثيرا في أوله، وكتبه تزيد على كتاب الاختلاف في القدر، وثلاثة كتب: كتاب اللباس، كتاب أمهات الأولاد، كتاب الشرب. وهو من جيد الكتب وأحسنها، وهو كالمنفرد فيه. ولا يظن ظان أن قوله «كتاب اللطيف» إنما أراد به صغره وخفة محمل وزنه، وإنما أراد بذلك لطيف القول كدقة معانيه وكثرة ما فيه من النظر والتعليلات، وهو يكون نحو ألفين وخمسمائة ورقة.

الصفحة 2458