كتاب معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (اسم الجزء: 1)

وكتب عبد الملك بن مروان الى الحجاج: انظر لي رجلا عالما بالحلال والحرام، عارفا بأشعار العرب وأخبارها، أستأنس به وأصيب عنده معرفة فوجّهه إليّ من قبلك، فوجّه إليه الشعبي، وكان أجمع أهل زمانه، قال الشعبي: فلم ألق [1] واليا ولا سوقة إلّا وهو يحتاج [2] إليّ ولا أحتاج إليه ما خلا عبد الملك، ما أنشدته شعرا ولا حدثته حديثا إلا وهو يزيدني فيه، وكنت ربما حدثته وفي يده اللقمة فيمسكها [3] فأقول يا أمير المؤمنين أسغ طعامك، فإن الحديث من ورائه، فيقول: ما تحدثني به أوقع بقلبي من كلّ لذة وأحلى من كل فائدة.
وكتب عبد الملك إلى الحجاج [4] : أنت عندي كقدح ابن مقبل، فلم يدر الحجاج ما عنى، فسأل قتيبة بن مسلم وكان راوية عالما عن ذلك فقال: قد مدحك، فإن ابن مقبل نعت قدحه فقال:
مفدّى مؤدّى باليدين منعم ... خليع قداح فائز متمنّح [5]
خروج من الغمّى إذا صكّ صكّة ... بدا والعيون المستكفّة تلمح [6]
قال: فكانت في نفس الحجاج حتى ولّاه خراسان.
وقال محمد بن عبد الملك الزيات في رجل خلو من الأدب [7] :
يا أيها العائبي ولم تر بي ... عيبا ألا تنتهي وتزدجر
هل لك وتر لديّ تطلبه ... أم لست مما أتيت تعتذر
إن كان قسم الإله فضّلني ... وأنت صلد ما فيك معتصر
__________
[1] ر: أجد.
[2] ر: محتاج.
[3] م: فأمسكها.
[4] قارن بجمهرة العسكري 2: 120 وسرح العيون: 192 وديوان ابن مقبل: 29، 30 وأمالي القالي 1: 15 وثمار القلوب: 173.
[5] مفدى عند صاحبه، يفديه إذا فاز، متمنح: مستعار، يستعيرونه لمعرفتهم بفوزه.
[6] الغمى: الشدة والضيق؛ والعيون المستكفة، عيون الذين حوله يستكفون أي يضعون أيديهم على حواجبهم حين ينظرون إليه.
[7] ديوان ابن الزيات: 29- 30 ومنها أبيات في الأغاني 22: 486- 487.

الصفحة 33