كتاب معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (اسم الجزء: 1)

وقلت حلمت في النوم أحلم حلما [1] [وحلم] ليس بمصدر وإنما هو اسم، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ
(النور: 58) وإذا كان للشيء مصدر واسم لم يوضع الاسم موضع المصدر، ألا ترى أنك تقول حسبت الشيء أحسبه حسبا وحسبانا والحسب المصدر والحساب الاسم، ولو قلت ما بلغ الحسب إليك ورفعت الحسب إليك لم يجز وأنت تريد ورفعت الحساب إليك وقلت: رجل عزب وامرأة عزبة [2] : وهذا خطأ إنما يقال رجل عزب وامرأة عزب لأنه مصدر وصف به فلا يجمع ولا يثنى ولا يؤنث، كما يقال رجل خصم وامرأة خصم. وقد أتيت بباب من هذا النوع في الكتاب وأفردت هذا منه قال الشاعر [3] :
يا من يدلّ عزبا على عزب
وقلت كسرى بكسر الكاف [4] وهذا خطأ إنما هو كسرى، والدليل على ذلك أنا وإياكم لا نختلف في النسب إلى كسرى يقال كسروي، بفتح الكاف، وليس هذا مما يغير بالنسب لبعده منها ألا ترى أنك لو نسبت إلى معزى لقلت معزوي وإلى درهم قلت درهمي ولا يقال معزوي ولا درهمي. وقلت وعدت الرجل خيرا أو شرا [5] فإذا لم تذكر الشرّ قلت أوعدته بكذا نقضا لما أصّلت لأنك قلت بكذا، وقولك بكذا كناية عن الشر، والصواب أن تقول إذا لم تذكر الشر قلت أوعدته. وقلت: وهم المطوعة [6] وإنما هم المطّوعة بتشديد الطاء كما قال الله تعالى: يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ
(التوبة: 79) فقال: ما قلت إلا المّطوّعة، فقلت: هكذا قرأته عليك وقرأه غيري وأنا حاضر أسمع مرارا. وقلت: هو لرشدة وزنية كما قلت هو لغيّة [7] الباب فيها واحد، لأنه إنما يريد المرة الواحدة، ومصادر الثلاثي إذا أردت المرة الواحدة لم
__________
[1] الفصيح: 33.
[2] الفصيح: 66.
[3] هو شطر من رجز لعمرة بنت الحمارس كما في عيون الأخبار 2: 27 والمختار من شعر بشار: 237.
[4] الفصيح: 50.
[5] الفصيح: 25.
[6] الفصيح: 91.
[7] الفصيح: 49- 50.

الصفحة 57