كتاب معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (اسم الجزء: 1)
الإفضال، وأما في ترك الحقوق والنكوص عن الخصوم عند الحجاج فهو نقصان في النفس.
قال أبو العباس وسمعت المازني يقول: معنى قولهم إذا لم تستح فاصنع ما شئت، أي إذا صنعت ما لا تستحي من مثله فاصنع منه ما شئت، وليس على ما يذهب إليه العوامّ، وهذا تأويل حسن.
قال حمزة بن الحسن الأصبهاني في «كتاب الموازنة» [1] : كان الزجاج يزعم أن كل لفظتين اتفقتا ببعض الحروف، وإن نقص حروف إحداهما عن حروف الأخرى، فإن إحداهما مشتقة من الأخرى، فيقول: الرجل مشتق من الرجل [2] ، والثور إنما يسمّى ثورا لأنه يثير الأرض، والثوب إنما سمي ثوبا لأنه ثاب لباسا بعد أن كان غزلا، حسيبه الله كذا قال. قال: وزعم أن القرنان إنما سمي قرنانا لأنه مطيق لفجور امرأته كالثور القرنان أي المطيق لحمل قرنه، وفي القرآن وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ
(الزخرف: 13) أي مطيقين. قال: وحكى يحيى بن علي بن يحيى المنجم أنه سأله بحضرة عبد الله بن أحمد بن حمدون النديم: من أي شيء اشتق الجرجير؟
قال: لأنّ الريح تجرجره، قال: وما معنى تجرجره؟ قال: تجرره، قال: ومن هذا قيل للحبل الجرير لأنه يجر على الأرض، قال: والجرة لم سميت جرة؟ قال: لأنها تجرّ على الأرض، فقال: لو جرت على الأرض لانكسرت، قال: فالمجرة لم سميت مجرة؟ قال: لأن الله جرها في السماء جرا، قال: فالجرجور الذي هو اسم المائة من الابل لم سميت به؟ قال: لأنها تجرّ بالأزمة وتقاد، قال: فالفصيل المجرّ الذي يشقّ طرف لسانه لئلا يرتضع أمه ما قولك فيه؟ قال: لأنهم جروا لسانه حتى قطعوه، قال: فان جروا أذنيه فقطعوه تسميه مجرا؟ قال: لا يجوز ذلك، فقال يحيى بن علي: قد نقضت العلة التي أتيت بها على نفسك، ومن لم يدر أنّ هذا مناقضة فلا حسّ له.
قال خيرة: وشهدت ابن العلاف الشاعر وعنده من يحكي عن كتاب الزّجاج
__________
[1] نقله السيوطي في المزهر 1: 354.
[2] المزهر: الرحل من الرحيل.
الصفحة 59
3541