كتاب معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (اسم الجزء: 1)

من أبي خازم مسرورا بصنيع أبي عمر، فاستبطأه الوزير، فحكى ما جرى من كلّ واحد منهما، فقال له الوزير: فأيّ الرجلين أفضل عندك يا أبا إسحاق؟ فقال:
أبو عمر في عقله وسداده وحسن عشرته ومعرفته بحقوق الوزير (يغري بأبي خازم) فقال الوزير: دع هذا عنك، أبو خازم دين كله، وأبو عمر عقل كله.
حدث أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي البصري قال: لما مات أبو العباس أحمد بن يحيى بكى أبو إسحاق الزجاج، فقلت: ما بكاؤك؟ فقال لي:
أين يذهب بك؟ أليس كان يقال أحمد بن يحيى جالس وإبراهيم الزجاج اليوم، فقال الزجاج ونفطويه وابن الأنباري: مات الناقد ونفقت البهارج.
وحدث المرزباني في كتابه المقتبس [1] ولم يذكر من خبره غير هذه القصة وذكرها ابن النديم في فهرسته [2] قالا جميعا: كان السبب في اتصال أبي إسحاق الزجاج بالمعتضد أن بعض الندماء وصف للمعتضد «كتاب جامع النطق» الذي عمله محبرة النديم، (قال محمد بن إسحاق خاصة: واسم محبرة محمد بن يحيى بن أبي عباد ويكنى أبا جعفر، واسم أبي عباد: جابر بن زيد بن الصباح العسكري، وكان حسن الأدب ونادم المعتضد وجعل كتابه جداول) .
رجع الكلام إلى اتفاقهما: فأمر المعتضد القاسم بن عبيد الله أن يطلب من يفسّر تلك الجداول، فبعث إلى ثعلب وعرضه عليه، فلم يتوجه إلى حساب الجداول وقال: لست أعرف هذا، وإن أردتم كتاب العين فموجود ولا رواية له. فكتب ابن عبيد الله إلى المبرد أن يفسّرها فأجابهم إنه كتاب طويل يحتاج إلى تعب وشغل، وإنه قد كبر [3] وضعف عن ذلك، وإن دفعتموه إلى صاحبي إبراهيم بن السريّ رجوت أن يفي بذلك. فتغافل القاسم عن مذاكرة المعتضد بالزجاج حتى ألحّ عليه المعتضد، فأخبره بقول ثعلب والمبرد وأنه أحال على الزجاج، فتقدم إليه بالتقدم إلى الزجاج بذلك، ففعل القاسم، فقال الزجاج: أنا أعمل ذلك على غير نسخة ولا نظر في جدول، فأمره بعمل الثنائي، فاستعار الزجاج كتب اللغة من ثعلب والعسكري وغيرهما
__________
[1] لم ترد في نور القبس.
[2] الفهرست: 66.
[3] الفهرست: أسن.

الصفحة 62