كتاب معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (اسم الجزء: 1)
وكان [1] أحمد بن يحيى ثعلب يقول: إبراهيم بن العباس أشعر المحدثين، وما روى شعر كاتب غيره، وكان يستجيد قوله [2] :
لنا إبل كوم يضيق بها الفضا ... ويفترّ عنها أرضها وسماؤها
فمن دونها أن تستباح دماؤنا ... ومن دوننا أن تستذمّ ذماؤها
حمى وقرى فالموت دون مرامها ... وأيسر خطب يوم حقّ فناؤها
ويقول: والله لو أن هذا لبعض الأوائل لاستجيد له.
وقال [3] إبراهيم في قينة كان يهواها:
وعلّمتني كيف الهوى وجهلته ... وعلّمكم صبري على ظلمكم ظلمي
وأعلم ما لي عندكم فيردّني ... هواي إلى جهلي فأرجع عن علمي
ومن أحسن ما قيل في قصر الليل قول إبراهيم بن العباس [4] :
وليلة من الليالي الزّهر ... قابلت فيها بدرها ببدر
لم تك غير شفق وفجر ... حتى تولّت وهي بكر الدهر
وقال [5] أبو العيناء: كنت عند إبراهيم بن العباس وهو يكتب كتابا، فنقطت [من] القلم نقطة مفسدة فمسحها بكمه فعجبت فقال: لا تعجب، المال فرع والقلم أصل، ومن هذا السواد جاءت هذه الثياب، والأصول أحوج إلى المراعاة من الفرع، ثم فكّر قليلا وقال [6] :
إذا ما الفكر ولّد حسن لفظ ... وأسلمه الوجود إلى العيان
ووشّاه فنمنمه بيان ... فصيح في المقال بلا لسان
ترى حلل البيان منشّرات ... تجلّى بينها حلل المعاني
__________
[1] الأغاني 10: 61 ومروج الذهب 5: 25.
[2] زهر الآداب: 1020 والطرائف الأدبية: 153.
[3] الأغاني 10: 62 والقينة هي ساهر (أو سامر) وزهر الآداب: 1020 وانظر الطرائف: 150.
[4] الأغاني 10: 62 والطرائف: 145 والوافي 6: 27 وزهر الآداب: 299.
[5] الأغاني 10: 63.
[6] زهر الآداب: 518- 519 (باختلافات في الرواية) والطرائف الأدبية: 188.
الصفحة 78
3541