كتاب معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (اسم الجزء: 1)

وحدث عن ميمون بن هارون عن أبيه قال قلت لإبراهيم بن العباس: إن فلانا يحبّ أن يكون لك وليا، فقال لي: أنا والله أحبّ أن يكون الناس جميعا إخواني، ولكني لا آخذ منهم إلّا من أطيق قضاء حقّه وإلا استحالوا أعداء، وما مثلهم إلا كمثل النار قليلها مقنع وكثيرها محرق.
وقال الحسين بن علي الباقطائي: شاورت أبا الصقر قبل وزارته في أمر لي فعرفني الصواب فيه، فقلت له: أنت أيدك الله كما قال إبراهيم بن العباس في هذا المعنى [1] :
أتيتك شتّى الرأي لابس حيرة ... فسدّدتني حتى رأيت العواقبا
على حين ألقى الرأي دوني حجابه ... فجبت الخطوب واعتسفت المذاهبا
فقال: لا تبرح والله حتى أكتب البيتين، فكتبتهما له بين يديه بخطي.
وحدث أبو ذكوان قال: لما توفي المعتصم بالله وقام ابنه الواثق خليفة بعده كتب إليه إبراهيم بن العباس يعزّيه بأبيه ويهنئه بالخلافة: إن أحقّ الناس بالشكر من جاء به عن الله، وأولاهم بالصبر من كان سلفه رسول الله، وأمير المؤمنين أعزّه الله وآباؤه نصرهم الله أولو الكتاب الناطق عن الله بالشكر، وعترة رسوله المخصوصون بالصبر، وفي كتاب الله أعظم الشفاء، وفي رسوله أحسن العزاء، وقد كان من وفاة أمير المؤمنين المعتصم بالله ومن مشيئة الله في ولاية أمير المؤمنين الواثق بالله ما عفّى على أوّله آخره، وتلافت بدأته عاقبته، فحقّ الله في الأولى الصبر، وفرضه في الأخرى الشكر، فإن رأى أمير المؤمنين أن يستنجز ثواب الله بصبره ويستدعي زيادته بشكره، فعل، إن شاء الله تعالى وحده.
ومن كلامه: ووجد أعداء الله زخرف باطلهم وتمويه كذبهم سرابا بقيعة يحسبه الظّمآن ماء حتّى إذا جاءه لم يجده شيئا، وكوميض برق عرض فأسرع، ولمع فأطمع، حتى انحسرت مشرّقة مغاربه، وتشعّبت مولّية مذاهبه، وأيقن راجيه وطالبه، ألّا ملاذ ولا وزر، ولا مورد ولا صدر، ولا من الحرب محيص، هنالك ظهرت عواقب
__________
[1] الطرائف: 127.

الصفحة 82