كتاب معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (اسم الجزء: 1)
السلطان ولا من الإخوان، يوسف بن أسباط، ورث سبعين ألف درهم لم يأخذ منها شيئا وكان يعمل الخوص بيده. وآخر كان يقبل من الإخوان والسلطان جميعا أبو إسحاق الفزاريّ، فكان ما يأخذه من الإخوان ينفقه في المستورين الذين لا يتحركون، والذي يأخذه من السلطان ينفقه [1] في أهل طرسوس. والثالث كان يأخذ من الاخوان ولا يأخذ من السلطان وهو عبد الله بن المبارك يأخذ من الإخوان ويكافىء عليه. والرابع كان يأخذ من السلطان ولا يأخذ من الاخوان وهو مخلد بن الحسين، كان يقول: السلطان لا يمنّ والاخوان يمنّون.
وحدث ابن عساكر فيما رفعه إلى الأصمعي قال [2] : كنت جالسا بين يدي هارون الرشيد أنشده شعرا، وأبو يوسف القاضي جالس على يساره، فدخل الفضل بن الربيع فقال: بالباب أبو إسحاق الفزاري، فقال: أدخله، فلما دخل قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال له الرشيد: لا سلّم الله عليك ولا قرّب دارك ولا حيا مزارك، قال: لم يا أمير المؤمنين؟ قال: أنت الذي تحرّم السواد؟ فقال: يا أمير المؤمنين من أخبرك بهذا؟ لعل هذا أخبرك- وأشار إلى أبي يوسف وذكر كلمة- والله يا أمير المؤمنين لقد خرج إبراهيم على جدك المنصور فخرج أخي معه، وعزمت على الغزو فأتيت أبا حنيفة فذكرت له ذلك فقال لي:
مخرج أخيك أحبّ إليّ مما عزمت عليه من الغزو، وو الله ما حرّمت السواد، فقال الرشيد: فسلّم الله عليك وقرّب دارك وحيّا مزارك، اجلس أبا إسحاق، يا مسرور ثلاثة آلاف دينار لأبي إسحاق، فأتي بها فوضعت في يده وانصرف بها، فلقيه ابن المبارك فقال له: من أين أقبلت؟ قال: من عند أمير المؤمنين وقد أعطاني هذه الدنانير وأنا عنها غنيّ، قال: فإن كان في نفسك منها شيء تصدّق بها، فما خرج من سوق الرافقة حتى تصدّق بها كلها.
وفضائل أبي إسحاق كثيرة اختصرت منها حسب ما شرطت من الإيجاز من «تاريخ دمشق» لابن عساكر.
__________
[1] ابن عساكر: كان يخرجه إلى.
[2] ابن عساكر 2: 502- 503.
الصفحة 96
3541