كتاب الرقة والبكاء لابن قدامة

! 170 وَبِالإِسْنَادِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الرُّومِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدٌ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْعَاتِكَةِ، قَالَ: " كَانَ مِنْ قَوْلِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ: سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَهِي، إِذَا ذَكَرْتُ خَطِيئَتِي ضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِرُحْبِهَا، وَإِذَا ذَكَرْتُ رَحْمَتَكَ ارْتَدَّ إِلَيَّ رُوحِي.
سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، إِلَهِي، خَرَجْتُ أَسْأَلُ أَطِبَّاءَ عِبَادِكَ أَنْ يُدَاوُوا خَطِيئَتِي، وَكُلُّهُمْ عَلَيْكَ يَدُلُّنِي "
! 171 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَحَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيِّ، عَنْ نَوْفٍ الشَّامِيِّ، قَالَ: " لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ جَعَلَ يَبْكِي إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيَبْكُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْبَرَارِي، فَيَبْكِي إِلَى الْوُحُوشِ وَتَبْكِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يُنَوِّحُ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَعْكُفُ عَلَيْهِ الطَّيْرُ فَيَبْكِي لِبُكَائِهِ، ثُمَّ تَضِيقُ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَيَسِيحُ فِي الْجِبَالِ وَيُنَادِي: إِلَيْك هَرَبْتُ إِلَهِي مِنْ عَظِيمِ جُرْمِي.
فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُمْسِي، فَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَيَدْخُلُ بَيْتَ عِبَادَتِهِ، فَلا يَزَالُ مُصَلِّيًا، بَاكِيًا، سَاجِدًا.
قَالَ: فَأَتَاهُ ابْنٌ لَهُ صَغِيرٌ فَنَادَاهُ: يَا أَبَتَاهُ، هَجَمَ اللَّيْلُ، وَأَفْطَرَ الصَّائِمُونَ.
فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ أَبَاكَ لَيْسَ كَمَا كَانَ يَكُونُ، إِنَّ أَبَاكَ قَدْ وَقَعَ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ، إِنَّ أَبَاكَ عَنْكَ وَعَنْ عَشَائِكَ مَشْغُولٌ.
قَالَ: فَرَجَعَ الْغُلَامُ بَاكِيًا إِلَى أُمِّهِ، فَجَاءَتِ

الصفحة 68