كتاب الرقة والبكاء لابن قدامة

182 قُرِئَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْمَعَالِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ صَابِرٍ السُّلَمِيِّ، وَأَنَا أَسْمَعُ: أَخْبَرَكُمُ الشَّرِيفُ النَّسِيبُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحُسَيْنِيُّ، أخبرنا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْمَحَامِلِيُّ فِي كِتَابِهِ إِلَيْنَا مِنْ بَغْدَادَ، أخبرنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَزْرَقُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْبُهْلُولِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ زِيَادٍ مِنْ بَنِي أُسَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ، عَنْ شَبِيبِ بْنَ شَيْبَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ الأَهْتَمِ، قَالَ: " أَوْفَدَنِي يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي وَفْدِ الْعِرَاقِ، قَالَ: فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ وَقَدْ خَرَجَ مُبْتَدِئًا بِقَرَابَتِهِ، وَأَهْلِهِ، وَحَشَمِهِ، وَغَاشِيَتِهِ مِنَ جُلَسَائِهِ، فَنَزَلَ فِي أَرْضٍ قَاعٍ صَحْصَحٍ مُتَنَائِفٍ أَفْيَحَ، فِي عَامٍ قَدْ بَكَّرَ وَسْمِيُّهُ، وَتَتَابَعَ وَلِيُّهُ، وَأَخَذْتُ الأَرْضُ فِيهِ زِينَتَهَا مِنِ اخْتِلَافِ أَنْوَارِ نَبْتِهَا، مَنْ نَوْرِ رَبِيعٍ مُونِقٍ، فَهُوَ أَحْسَنُ مَنْظَرًا، وَأَحْسَنُ مُسْتَنْظَرًا، وَأَحْسَنُ مُخْتَبَرًا، بِصَعِيدٍ كَأَنَّ تُرَابَهُ قِطَعُ الْكَافُورِ، لَوْ أَنَّ قِطْعَةً أُلْقِيَتْ فِيهِ لَمْ تُتْرَبْ.
وَقَدْ ضُرِبَ لَهُ سُرَادِقٌ مِنْ حِبَرَةٍ كَانَ صَنَعَهُ لَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ بِالْيَمَنِ فِيهِ فُسْطَاطٌ، فِيهِ أَرْبَعَةُ أَفْرِشَةٍ مِنْ خَزٍّ أَحْمَرَ، مِثْلَهَا مَرَافِقُهَا، وَعَلَيْهِ دُرَّاعَةٌ مِنْ خَزٍّ أَحْمَرَ، مِثْلُهَا عِمَامَتُهَا.
قَالَ: وَقَدْ أَخَذَ النَّاسُ مَجَالِسَهُمْ، فَأَخْرَجْتُ رَأْسِي مِنْ نَاحِيَةِ السِّمَاطِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ شِبْهُ الْمُسْتَنْطِق لِي، فَقُلْتُ: تَمَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نِعَمَهُ، وَسَوَّغَكَهَا بِشُكْرِهِ، وَجَعَلَ مَا قَلَّدَكَ مِنْ هَذَا الأَمْرِ رَشَدًا، وَعَاقِبَةَ مَا تَئُولُ إِلَيْهِ حَمْدًا، أَخْلَصَهُ لَكَ بِالتُّقَى، وَكَثَّرَهُ لَكَ بِالنَّمَاءِ، لا كَدَرَ

الصفحة 93