كتاب الرقة والبكاء لابن قدامة

عَلَيْكَ مِنْهُ مَا صَفَا، وَلا خَالَطَ مَسْرُوُرَهُ الرَّدِيُّ، فَقَدْ أَصْبَحْتَ لِلْمُسْلِمِينَ ثِقَةً وَمُسْتَرَاحًا، إِلَيْكَ يَقْصِدُونَ فِي أُمُورِهِمْ، وَإِلَيْكَ يَفْزَعُونَ فِي مَظَالِمِهِمْ، وَمَا أَجِدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، شَيْئًا هُوَ أَبْلَغُ فِي قَضَاءِ حَقِّكَ وَتَوْقِيرِ مَجْلِسِكَ مِمَّا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيَّ مِنْ مُجَالَسَتِكَ وَالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، مِنْ أَنْ أُذَكِّرَكَ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْكَ، وَأُنَبِّهَكَ لِشُكْرِهَا، وَمَا أَجِدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ حَدِيثِ مَنْ سَلَفَ مِنَ الْمُلُوكِ، فَإِنْ أَذِنَ لِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرْتُهُ عَنْهُ.
قَالَ: فَاسْتَوَى جَالِسًا وَكَانَ مُتَّكِئًا، ثُمَّ قَالَ: هَاتِ يَا ابْنَ الأَهْتَمِ.
فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ مَلِكًا مِنَ الْمُلُوكِ قَبْلَكَ خَرَجَ فِي عَامٍ مِثْلِ عَامِنَا هَذَا إِلَى الْخَوَرْنَقَ وَالسَّدِيرِ، فِي عَامٍ قَدْ بَكَّرَ

الصفحة 94