كتاب الرقة والبكاء لابن قدامة

وَسْمِيُّهُ، وَتَتَابَعَ وَلِيُّهُ، وَأَخَذَتِ الأَرْضُ زِينَتَهَا مِنْ نَوْرِ رَبِيعٍ مُونِقٍ، فَهُوَ فِي أَحْسَنِ مَنْظَرٍ، وَأَحْسَنِ مُسْتَنْظَرٍ، وَأَحْسَنِ مُخْتَبَرٍ، بِصَعِيدٍ كَأَنَّ تُرَابَهُ قِطَعُ الْكَافُورِ، حَتَّى لَوْ أَنَّ قِطْعَةً أَلْقَيْتَ فِيهِ لَمْ تُتْرِبْ، قَالَ: وَكَانَ قَدْ أُعْطِيَ فَتَاءَ السِّنِّ، مَعَ الْكَثْرَةِ وَالْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ.
قَالَ: فَنَظَرَ، فَأَبْعَدَ النَّظَرَ، فَقَالَ لِجُلَسَائِهِ: لِمَنْ هَذَا؟ هَلْ رَأَيْتُمْ مِثْلَ مَا أَنَا فِيهِ؟ هَلْ رَأَيْتُمْ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ؟ قَالَ: وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَقَايَا حَمَلَةِ الْحُجَّةِ، وَالْمُضِيِّ عَلَى أَدَبِ الْحَقِّ وَمِنْهَاجِهِ.
قَالَ: وَلَنْ تَخْلُوَ الأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّتِهِ فِي عِبَادِهِ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ! إِنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ عَنْ أَمْرٍ أَفَتَأْذَنُ بِالْجَوَابِ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَرَأَيْتَ مَا أَنْتَ فِيهِ، أَشَيْءٌ لَمْ تَزَلْ فِيهِ أَمْ شَيْءٌ صَارَ إِلَيْكَ مِيرَاثًا مِنْ غَيْرِكَ وَهُوَ زَائِلٌ عَنْكَ وَصَائِرٌ إِلَى غَيْرِكَ كَمَا صَارَ إِلَيْكَ

الصفحة 95