كتاب الرقة والبكاء لابن قدامة

مِيرَاثًا مِنْ لَدُنْ غَيْرِكَ؟ ! قَالَ: فَكَذَلِكَ هُوَ , قَالَ: أَفَلا أَرَاكَ إِنَّمَا أُعْجِبْتَ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ تَكُونُ فِيهِ قَلِيلًا وَتَغِيبُ عَنْهُ طَوِيلًا وَتَكُونُ غَدًا بِحِسَابِهِ مُرْتَهَنًا؟ قَالَ: وَيْحَكَ! فَأَيْنَ الْمَهْرَبُ؟ وَأَيْنَ الْمَطْلَبُ؟ قَالَ: إِمَّا أَنْ تُقِيمَ فِي مُلْكِكَ تَعْمَلُ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ رَبَّكَ عَلَى مَا سَاءَكَ وَسَرَّك وَمَضَّكَ وَأَرْمَضَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَضَعَ تَاجَكَ وَتَلْبَسَ أَطْمَارَكَ وَأَمْسَاحَكَ وَتَعْبُدَ رَبَّكَ فِي هَذَا الْجَبَلِ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَجَلُكَ! قَالَ: فَإِذَا كَانَ بِالسَّحَرِ فَاقْرَعْ عَلَى بَابِي فَإِنِّي مُخْتَارٌ أَحَدَ الرَّأْيَيْنِ، فَإِنِ اخْتَرْتُ مَا أَنَا فِيهِ كُنْتَ وَزِيرًا لا تُعْصَى، وَإِنِ اخْتَرْتُ فَلَوَاتِ الأَرْضِ وَقَفْرَ الْبِلَادِ كُنْتَ رَفِيقًا لا تُخَالَفُ.
قَالَ: فَقَرَعَ عَلَيْهِ بَابَهُ عِنْدَ السَّحَرِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ وَضَعَ تَاجَهُ، وَوَضَعَ أَطْمَارَهُ، وَلَبِسَ أَمْسَاحَهُ، وَتَهَيَّأَ لِلسِّيَاحَةِ.
قَالَ: فَلَزِمَا وَاللَّهِ الْجَبَلَ، حَتَّى أَتَتْهُمَا آجَالُهُمَا.
وَهُوَ حَيْثُ يَقُولُ أَخُو بَنِي تَمِيمٍ عَدِيُّ بْنُ سَالِمٍ الْمَرَاي الْعَدَوِيُّ:

الصفحة 96