كتاب الرقة والبكاء لابن قدامة

أَيُّهَا الشَّامِتُ الْمُعَيِّرُ بِالدَّهْرِ ... أَنْتَ الْمُبَرَّأُ الْمَوْفُورُ
أَمْ لَدَيْكَ الْعَهْدُ الْوَثِيقُ مِنْ أَيَّامٍ ... أَمْ أَنْتَ جَاهِلٌ مَغْرُورُ
مَنْ رَأَيْتَ الْمَنُونَ خَلَّدْنَ أَمْ مَنْ ... ذَا لَدَيْهِ مِنْ أَنْ يُضَامَ خَفِيرُ
أَيْنَ كِسْرَى؟ كِسْرَى الْمُلُوكِ أَبُو ... سَاسَانَ أَمْ أَيْنَ قَبْلَهُ سَابُورُ؟
وَبَنُو الأَصْفَرِ الْكِرَامُ مُلُوكُ الرُّومِ ... لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ مَذْكُورُ
وَأَخُو الْحَضْرِ إِذْ بَنَاهُ وَإِذْ ... دِجْلَةُ تُجْبَى إِلَيْهِ وَالْخَابُورُ
شَادَهُ مَرْمَرًا وَجَلَّلَهُ كِلْسًا ... فَلِلطَّيْرِ فِي ذُرَاهُ وُكُورُ
لَمْ يَهِبْهُ رَيْبُ الْمَنُونَ فَبَادَ ... المُلْكُ عَنْهُ فَبَابُهُ مَهْجُورُ
وتذكر رَبّ الْخَوَرْنَقِ إذْ ... أَشْرَفَ يَوْمًا وَلِلْهُدَى تَفْكِيرُ
سَرَّهُ مَالُهُ وَكَثْرَةُ مَا يَمْلِكُ ... وَالْبَحْرُ مُعْرِضٌ وَالسَّدِيرُ
فَارْعَوَى قَلْبُهُ وَقَالَ: وَمَا ... غِبْطَةُ حَيٍّ إِلَى الْمَمَاتِ يَصِيرُ
ثُمَّ أَضْحَوْا كَأَنَّهُمْ وَرِقٌ جَفَّ ... فَأَلْوَتْ بِهِ الصَّبَا وَالدَّبُورُ

الصفحة 97