كتاب في سبيل الإصلاح

القوانين، ولو كان احتمال سقوط المرأة في هذا الاختلاط واحداً في الألف لوجب منعه وتحريمه، لأن أمة في كل ألف من نسائها واحدة ساقطة لأمة فاجرة ليست بذات خلق قويم، ولا تستحق أن تعيش ...
ونحن لا نكره أن نرى في نسائنا أمثال باحثة البادية، ووردة اليازجي وميّ، وماري عجمي، ووداد سكاكيني، ونهاد العطار، ومريم خشّة، ولكن أين السبيل إلى أن نوجد أمثالهنّ؟ وهل توصل إلى ذلك مدارسنا؟ إننا نبصر فتيات يتجاوز عددهن الآلاف المؤلفة، يقطعن الطرقات كل يوم إلى المدارس، غدوّاً إليها ورواحاً منها وهنّ بأبهى زينة وأبهج منظر، يقرأن كل ما يقرؤه الشبان من هندسة وجبر ومثلثات وكيمياء وفيزياء وأدب غَزلِ ويتعلمن الرسم والرياضة والغناء، ويدخلن مع الشباب في الامتحانات العامة ويحملن مثلهم البكالوريات والدبلومات، ثم يجمعهن مجلس (بعد هذا كله) بالعاميات الجاهليات، فلا تجدهن أصح منهن فكراً، ولا أبعد نظراً، ولا ترى لهذا الحشد من المعلومات الذي جمع في رؤوسهن من أثر في المحاكمة ولا في النظر إلى الأشياء، فكأن هذه المعلومات الأغاني التي تصب في أسطوانات الحاكي (الفونوغراف) إن أدرتها سمعت لهجة فصيحة، وكلاماً بيناً، ونغماً حلواً فتقول إنها تنطق، فإذا سألتها وكلمتها رأيتها جماداً أخرس، ليس فيها إلا ما استودعته من الكلام الملحّن ... !
وهذا حق، ما أردت بسرده الانتقاص، ولكن بيان الواقع.
ثم إن تزوجن لم يمتزن إلا بإهمال الولد، وتركه للخادمات والمراضع والانصراف عن الدار وأعمالها، والترفع عن الزوج، ثم إنه لا يعجب إحداهن إلا أن تلقى في زوجها حماراً (ولا مؤاخذة) تركبه إلى غايتها، لا رجلاً تحبه وتطيعه ويحبها ويرفق بها.
وإن هي اشتغلت معلمة أو محامية أو طبيبة، لم تكن إلا (دون الوسط) في المعلمين والمحامين والأطباء، فما هذا العلم؟ ولماذا لا تتعلم ما ينفعها امرأةً وزوجةً وأماً وربةَ بيت؟ ولماذا لا تتعلم مع ذلك التحرر من عبادة (الموضات)

الصفحة 162