كتاب في سبيل الإصلاح

خطيئاتها ما أمكن التغاضي، ويعلم أنها شريكة حياته، وأدنى الناس إليه فلا يستأثر دونها بطعام أو شراب، ولا يدعها في المنزل وحيدة متألمة ويسهر في المقاهي والملاهي، ولا يقدم نفسه عليها في كسوة أو متعة من متع العيش.

المشكلة بين الزوجين:
وإن من أظهر الخلاف بين الزوجين، ألا يكون بينهما مشاكلة ومماثلة، كأن يكون فقيراً وتكون هي غنية، فتعيره بفقره، وتترفع عليه بمالها، أو أن يكون من رجال الأعمال، وتكون متعلمة، على أن المتعلمة العالمة حقاً لا ينتظر منها إلا كل خير، ولكن البلاء في هؤلاء اللائي يحسبن أنفسهن متعلمات لأنهن كن قبل الزواج معلمات في مدرسة أو مديرات، وإن كن لا يفتحن في السنة كتاباً، ولا يفهمن شيئاً، ولا يعرفن إلا تنكيد حياة الزوج، وإضاعة ماله في الولائم والاستقبالات، والكسوة والزينة، هؤلاء هن البلاء الأزرق، وخير منهن الأمية الجاهلة.
ومن أشنع أشكال الاختلاف بين الزوجين حال من يتزوجون بالأجنبيات، فيرون منهن (على الغالب) ما يتمنون معه الموت الأحمر. وإني لأعرف من الناس رجلاً درس في فرنسا وجاء معه بفتاة زعم أنها من أكرم الأسر الفرنسية وأعرقها، فتزوج بها، فكان من أيسر ما تصنع أنها تذهب إلى السينما فترى الضباط الفرنسيين فتحن إليهم بصلة الدم فتكلمهم وتصادقهم ثم تدعوهم إلى دارها فلا يروع صاحبنا إلا الضباط قد ملأوا بيته. ثم انتهى أمرها بالفرار مع واحد منهم!
ومن العجب أن دماغين كبيرين تواردت خواطرهما على مسألة واحدة، وبينهما الدهر الأطول، وبينهما ما بين المشرق والمغرب فوقعا فيها على الصواب الذي نعرفه ولا نريد أن نتبعه:
لما كانت القادسية، ولم يجد الناس نساء مسلمات، تزوجوا نساء أهل الكتاب فلما كثر المسلمات بعث عمر بن الخطاب إلى حذيفة بن اليمان بعد ما ولاه المدائن «بلغني أنك تزوجت امرأة من أهل الكتاب فطلقها»، فكتب

الصفحة 178