كتاب اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر

أو بجبل إلا ويملئون النظر من تأمله, يفعلون هذا وهم سائرون على المنهج لا يخرجون عنه بعيدا ولا يسلكون منهجا آخر بعيدا عن الهدف.
ذلكم في رأيي هو مثل الطرق الخاصة للمفسرين وإن شئت تطبيقه على اتجاهات ومناهج وطرق المفسرين فإليك البيان:
قد يكون الهدف "الاتجاه" هو مسائل العقيدة وتقريرها وبسط معالمها والذود عنها وما يتعلق بهذا, ويظهر هذا الهدف على مجموعة من التفاسير فيكون الاتجاه لهذه التفاسير "الاتجاه العقدي".
ويسلك كل واحد من هؤلاء المفسرين سبيلا خاصا لتقرير العقيدة, فيسلك أحدهم أصول عقيدة أهل السنة والجماعة فيكون منهجه "منهج أهل السنة والجماعة" ويسلك آخر أصول عقيدة الشيعة فيكون منهجه "منهج الشيعة" ويسلك ثالث أصول عقيدة الأباضية فيكون منهجه "منهج الأباضية" وهكذا.
وقد تختلف طرق هؤلاء في التفسير، بل قد تختلف طرق أصحاب المنهج الواحد, فيبدأ أحدهم بالنص أولا ثم بيان المفردات ثم المعنى الإجمالي للآيات ثم يستخرج أحكامها, ويختلف آخر فيذكر النص أولا ويمزج بين المفردات والمعنى الإجمالي ويتوسع في هذا المقام فيبسط الحديث عند كل قضية ويرد على الشبه أثناء ذلك, ويختلف ثالث فيذكر بعد النص بيان المفردات ويخلطها بشيء من المعنى الإجمالي ثم يعقد الأبحاث المطولة بعد ذلك للقضايا التي تناولتها الآيات, وقد يفسر الآيات مرتبة كما هي في المصحف وقد يختار سورا محددة وقد يختار موضوعا خاصا يجمع أطرافه من مختلف السور, وهذا كله هو ما نقصده بطريقة المفسر.
ولعلي بهذا قد وضحت ما أردت من الاتجاه والمنهج والطريقة, وإن كنت قد خالفت فيه غيري فلا مشاحة في الاصطلاحات.
وقد كتبت ما كتبت, فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان غير ذلك فمني وغفر الله لي.
وجزى الله عني خير الجزاء أستاذي الدكتور مصطفى مسلم محمد المشرف

الصفحة 23