كتاب الإكليل في المتشابه والتأويل

{بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} . {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} . {يريدون وجهه} {ولتصنع على عيني} - إلى أمثال ذلك. فيقال لمن ادعى في هذا أنه متشابه لا يعلم معناه: أتقول هذا في جميع ما سمى الله ووصف به نفسه أم في البعض؟ فإن قلت: هذا في الجميع كان هذا عنادا ظاهرا وجحدا لما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام بل كفر صريح. فإنا نفهم من قوله: {إن الله بكل شيء عليم} معنى ونفهم من قوله: {إن الله على كل شيء قدير} معنى ليس هو الأول ونفهم من قوله: {ورحمتي وسعت كل شيء} معنى ونفهم من قوله: {إن الله عزيز ذو انتقام} معنى. وصبيان المسلمين بل وكل عاقل يفهم هذا. وقد رأيت بعض من ابتدع وجحد من أهل المغرب - مع انتسابه إلى الحديث لكن أثرت فيه الفلسفة الفاسدة - من يقول: إنا نسمي الله الرحمن العليم القدير علما محضا من غير أن نفهم منه معنى يدل على شيء قط وكذلك في قوله: {ولا يحيطون بشيء من علمه} يطلق هذا اللفظ من غير أن نقول له علم. وهذا الغلو في الظاهر من جنس غلو القرامطة في الباطن لكن هذا أيبس وذاك أكفر.
ثم يقال لهذا المعاند: فهل هذه الأسماء دالة على الإله المعبود وعلى حق موجود أم لا؟ فإن قال: لا كان معطلا محضا وما أعلم مسلما يقول

الصفحة 36