كتاب الإكليل في المتشابه والتأويل

الحقائق.
فالقول في سائر ما سمى ووصف به نفسه كالقول في نفسه سبحانه وتعالى. و " نكتة هذا الكلام " أن غالب من نفى وأثبت شيئا مما دل عليه الكتاب والسنة لا بد أن يثبت الشيء لقيام المقتضي وانتفاء المانع وينفي الشيء لوجود المانع أو لعدم المقتضي أو يتوقف إذا لم يكن له عنده مقتض ولا مانع فيبين له أن المقتضي فيما نفاه قائم؛ كما أنه فيما أثبته قائم إما من كل وجه أو من وجه يجب به الإثبات.
فإن كان المقتضي هناك حقا فكذلك هنا وإلا فدرء ذاك المقتضي من جنس درء هذا. وأما المانع فيبين أن المانع الذي تخيله فيما نفاه من جنس المانع الذي تخيله فيما أثبته فإذا كان ذلك المانع المستحيل موجودا على التقديرين لم ينج من محذوره بإثبات أحدهما ونفي الآخر فإنه إن كان حقا نفاهما وإن كان باطلا لم ينف واحدا منهما فعليه أن يسوي بين الأمرين في الإثبات والنفي ولا سبيل إلى النفي فتعين الإثبات.
فهذه نكتة الإلزام لمن أثبت شيئا. وما من أحد إلا ولا بد أن يثبت شيئا أو يجب عليه إثباته. فهذا يعطيك من حيث الجملة أن اللوازم التي يدعي أنها موجبة النفي خيالات غير صحيحة وإن لم يعرف فسادها على التفصيل وأما من حيث التفصيل فيبين فساد المانع وقيام المقتضي كما قرر هذا غير مرة. فإن قال من أثبت هذه الصفات التي هي فينا أعراض كالحياة والعلم والقدرة ولم يثبت ما هو فينا أبعاض كاليد والقدم: هذه أجزاء وأبعاض تستلزم التركيب والتجسيم.

الصفحة 41