كتاب المخارج في الحيل

يرجع إلى كمال المنصوص، فالمساكنة تكون تارة في بلدة وتارة في محلة وتارة في دار، وأتم ما يكون من المساكنة أن تكون بينهما في بيت واحد، فهو إنما نوى صفة الكمال في المنصوص عليه، فلهذا تعمل نيته.
وكذلك في مسألة الخروج لا تعمل نيته في تخصيص المكان حتى لو نوى الخروج إلى بغداد لا تعمل نيته، فإذا نوى السفر فإنما نوى نوعاً من أنواع الخروج، لأن الخروج أنواع شرعاً، خروج للسفر ولما دون السفر، وإنما اختلافهما باختلاف الأحكام، فإنما تعمل نيته في تنويع الخروج، والخروج في لفظه لأن ذكر الفعل كذكر المصدر.
وفي مسألة النسب الفراش بينه وبينها ثبت بمقتضى كلامه ولكن ما ثبت بطريق الاقتضاء ثبت حكمه، وإن لم يجعل كالمنصوص عليه كالبيع الثابت في قوله أعتق عبدك عني على ألف درهم، يثبت حكمه، وهو ملك البدلين، وإن لم يجعل ذلك كالبيع المصرح به.
إذا عرفنا هذا فنقول: ينبغي أن ينوي شيئاً هو من محتملات لفظه، أو يكون راجعاً إلى تخصيص ما في لفظه حتى يكون عاملاً، وأسهل طريق قالوا في هذا النوع من الأيمان أن القاضي إذا قال له قل والله، ينبغي أن يقول هو الله، فيدغم الهاء على وجه لا يفطن به القاضي ثم يمضي في كلامه إلى آخره، فلا يكون ذلك يميناً ولا يأثم فيه إذا كان مظلوماً، وإذا أراد الوصي أن يدفع إلى الورثة أموالهم ويكتب عليهم البراءة من كل قليل وكثير أيهما أوثق له أن يسمى ما جرى على يده وما أعطاهم أو لا يسمى، قال الأوثق له أن يكتب البراءة من كل قليل وكثير، ولا يسمى شيئاً، فإنه لا يؤمن أن يحضر صاحب دين أو وصية أو وارث فيضمنه ما سمي أنه دفعه إلى الورثة، وإذا كتب براءته من كل قليل وكثير فليس له ولاية أن يضمنوا شيئاً، فهذا أوثق للوصي، ولكن الأوثق للورثة أن يسمى ذلك، وربما يخفي الوصي بعض التركة، فإذا كتبوا له البراءة من كل قليل وكثير لم يكن لهم سبيل على ما يظهر عليه من الخيانة بعد

الصفحة 119