كتاب المخارج في الحيل

حراماً فيكون هو صادقاً في كلامه، ولكن هذا ليس بصحيح لأنه كما أن تحريم الحلال يمين فتحريم الحرام يمين حتى إذا قال هذا الخمر علي حرام ونوى به اليمين كان يميناً ... فعرفنا أن الطريق هو الأول وهو أن هذا التحريم لم يصادف محله أصلاً.
ولو حلف لا يذوق طعاماً لفلان فأكل طعاماً له ولآخر حنث، لأنه قد ذاق طعام فلان والطعام المشترك بين اثنين لكل واحد منهما جزء منه والذوق يتم بذلك الجزء كالأكل يتم به.
ولو ح لف لا يأكل طعام فلان فأكل طعاماً له ولآخر حنث في يمينه، بخلاف ما لو حلف لا يلبس ثوب فلان فلبس ثوباً بينه وبين آخر، أو لا يركب دابة فلان فركب دابة بينه وبين آخر، لأن الجزء الذي هو مملوك لفلان لا يسمى ثوباً ولا دابة، وعلى هذا لو حلف لا يأكل لقمة لفلان فأكل طعاماً بينه وبين آخر لم يحنث، لأن كل لقمة مشتركة بينه وبين فلان، وإنما جعل شرط حنثه أكل لقمة فلان خاصة ولم يوجد ذلك.
ولو حلف لا يشرب الشراب ولا نية له فهذا على الخمر، فإن شرب غيرها لم يحنث، يعني غيرها مما لا يسكر، فأما ما يشرب للسكر والتلهي به إذا شرب شيئاً منه كان حانثاً، لأن الشراب في الناس إذا أطلق يراد به المسكر، والإنسان إنما يمتنع من ذلك بيمينه للتحرز عن السُّكر فيتناول مطلق لفظه ما يسكر؛ ويسقط اعتبار حقيقة لفظه بالاتفاق حتى لا يحنث بشرب الماء واللبن وهو شراب، فالشراب حقيقة ما يشرب.
ولو حلف لا يركب حراماً فشرب خمراً لم يحنث إ لا أن ينويه، لأن المراد بهذا اللفظ الفجور عند الإطلاق، فتنصرف يمينه إليه إلا أن ينوي غيره.
فالحاصل أن دليل العرف يغلب على حقيقة اللفظ في باب الأيمان.
ولهذا لو حلف لا يشتري بنفسجاً ينصرف إلى دهن البنفسج دون الورق،

الصفحة 131