كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

الاستشراق أول ما بدأ كما ذكرت سابقا من الفاتيكان، وكان أول رواده من رجال الكنيسة وعلماء اللاهوت حيث ظلوا المشرفين على هذه الحركة والمسيرين لها حتى القرن التاسع عشر؛ وذلك للدفاع عن الكنيسة وسلطانها ولمواجهة الضغوط الشديدة المتزايدة من المفكرين المتمردين عليها، خاصة وأن بعض المتمردين وجدوا في الإسلام فرصة لتفكيرهم وتخلصا من سلطان كنائسهم التي تحجر على عقولهم، حيث أظهر بعضهم إعجابه بالإسلام. مما أفزع الكنيسة ودفعها لمحاربة الإسلام بثلاثة اتجاهات:
1 - الطعن في الإسلام وتشويه حقائقه، والافتراءات عليه بمختلف الأكاذيب لشحن أتباعها ضده وتنفيرهم منه، والإثبات لجماهيرها التي تخضع لسلطانها أن الإسلام هو الخصم الوحيد للمسيحية وهو دين لا يستحق الانتشار، زاعمة أن أتباعه - على حد زعمهم - قوم همج متخلفون، سراق نياق، سفاكو دماء، يبحثون عن المتعة الرخيصة من الكأس إلى غير ذلك من الأباطيل والافتراءات التي لا تمت للحقيقة بصلة «1».
2 - حماية النصارى من خطر الإسلام بالحيلولة بينهم وبين رؤية حقائقه الناصعة، وآياته البينة الواضحة، وتاريخه المجيد حتى لا يؤثر عليهم فيدخلوا فيه.
3 - محاولة تنصير المسلمين فمن أجل ذلك جهزوا جيوشا من المنصرين لهذا الغرض، ووضعوا بين أيديهم الإمكانيات الكبيرة؛ لإعطاء الثقة لمن فقدها من أبناء جنسهم، ولهز ثقة المسلمين أنفسهم في دينهم.
فمن أجل هذا الغرض عقدوا مؤتمرات عدة بدءوها بمؤتمر فينا الكنسي سنة (1312 ه) الذي قرروا فيه إنشاء كراسي جامعية للغة العربية «2» كما حصل في جامعة كمبردج آنذاك وغيرها وذلك ليسهل عليهم التعرف على الإسلام
______________________________
(1) افتراءات فيليب حبيب وبروكلمان على التاريخ الإسلامي ص 18 - الاستشراق والخلفية الفكرية زقزوق ص 72. الاستشراق والخلفية الفكرية ص 19.
(2) الاستشراق والخلفية الفكرية ص 72.

الصفحة 31