كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)
نبي اللّه هارون - عليه السلام - هو مما رمي به الأنبياء الآخرون من الافتراء والكذب عليهم. ولكن معاذ اللّه أن يكفر نبي من أنبياء اللّه بعد إيمان. بل أنبياء اللّه رأس المؤمنين وصفوتهم وقد حماهم اللّه بعصمته من كل ذنب فهم الهداة والقدوة لأقوالهم. وخير من دافع عن نبي اللّه هارون القرآن الكريم قال تعالى راسما صورة جليلة واضحة لهذا النبي العظيم وقومه: واتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ. أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ ولا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وكانُوا ظالِمِينَ. ولَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ورَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا ويَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ. ولَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وأَلْقَى الْأَلْواحَ وأَخَذَ بِرَاسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ ولا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «1».
هذه هي الصورة الحقيقية التي كانت، كما رسمها القرآن الكريم، أن عزم لنبي اللّه هارون - عليه السلام - فقد عزم القوم على صنع العجل وعبادته ووقف هارون - عليه السلام - أمامهم يمنعهم إلا أنهم كانوا كثرة وهو واحد وكادوا يقتلونه فسكت وهو مغلوب على أمره لا كما زعمت التوراة أنه كان سبب ضلال بني إسرائيل وعبادتهم للعجل وظهر الصانع الحقيقي وسبب ضلال القوم سامري موسى وقال تعالى:
______________________________
(1) سورة الأعراف (148 - 150).