كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)
وطلبه العفو عما صدر من سفائهم والغفران لزلتهم، فغفر اللّه لهم ذلك وأعادهم بمشيئته وقدرته سبحانه «1».
وصدق اللّه إذ يقول: وإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ* ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «2».
أما التوراة فقد أشارت لهذه القصة إشارة خفية عند ما تحدثت عن خروج السبعين مع موسى - عليه السلام - لميقات اللّه سبحانه حيث جاء فيها: [و كان جميع الشعب يرون الرعود والبروق وصوت البوق والجبل يدخن ولما رأى الشعب ارتعدوا ووقفوا من بعيد وقالوا لموسى: تكلم أنت معنا فنسمع ولا يتكلم معنا اللّه لئلا نموت فقال موسى للشعب لا تخافوا .. ] «3».
والشاهد قولهم: (و لا يتكلم معنا اللّه لئلا نموت).
فالعبارة تشير إلى أن من يتكلم مع اللّه لشدة الموقف ولعظمة الخالق سبحانه عن أن يدركه بصر الإنسان القاصر وهذا ما سبب الصعق لموسى - عليه السلام - حيث تجلى ربه - سبحانه - للجبل. وهذا لا يمنع من صعقهم كذلك بسبب طلبهم الرؤية ولتجلي الرب - سبحانه - على الجبل وهم حاضرون.
والذي يقرأ تاريخ بني إسرائيل لا يستغرب طلبا منهم كهذا واللّه سبحانه صاحب القدرة على أن يحيي الموتى ولذلك أكثر من شاهد.
ويشهد لهذا ما ذكره (أتسلم تورميدا) الذي أسلم بعد أن كان نصرانيا في القرن التاسع وسمى نفسه أبا محمد عبد اللّه بن عبد اللّه بن عبد اللّه الترجمان الميورقي، أبو محمد ذكر في كتابه: «تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب» مؤكدا ما جاء في القرآن الكريم حيث قال: [و إن قلتم أن عيسى إله لأجل الآيات
______________________________
(1) قصص الأنبياء ص 293.
(2) سورة البقرة (55 - 56).
(3) سفر الخروج الإصحاح 2/ 18 - 20.