كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

وليس المقام مقام مقارنة بين وصايا القرآن الكريم ووصايا غيره من الكتب وإلا سيطول بنا المقام. فأترك الأمر لفطنة القارئ الذي سيجد في كتاب اللّه دليلا على تفوق القرآن في عرض هذه التعاليم وفي عمومها وشمولها قال تعالى:
وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ ومُهَيْمِناً عَلَيْهِ «1».
لا شك أن التوراة والإنجيل فيهما هدى ونور، وأدى كل كتاب منهما مهمة خاصة في إرشاد قطاع من الإنسانية إلى طريق اللّه ولكن هذا القرآن دستور الحياة والأحياء إلى أن تنتهي تلك الحياة.
أتى بوصاياه كما أتى بكل تعاليمه ومبادئه بقفزة في التاريخ البشري لا يدانيه كتاب سابق، ولا يصل إلى شأوه وعظمته تشريع لاحق) اه «2».
ذكر الأستاذ سيد «3». أن الراجح في الصابئة هم تلك الطائفة من مشركي العرب قبل البعثة الذين ساورهم الشك فيما كان عليه قومهم من عبادة الأصنام فاهتدوا إلى التوحيد، وقالوا: إنهم يتعبدون على الحنيفية الأولى، ملة إبراهيم واعتزلوا عبادة قومهم دون أن تكون لهم دعوة منهم فقال عنهم المشركون:
إنهم صبئوا - أي مالوا عن دين آبائهم - كما كانوا يقولون عن المسلمين بعد ذلك ومن ثم سموا الصابئة وهذا القول أرجح من القول أنهم عبدة النجوم كما جاء في بعض التفاسير.
وقد خصصت مبحثا كاملا عن الصابئة يرجع إليه للتعرف عليهم أكثر.
______________________________
(1) سورة المائدة الآية (48).
(2) انظر كتاب الوصايا العشر - دراسة مقارنة - لآيات من أواخر سورة الأنعام د/ عبد الفتاح عاشور طبعة 1/ 1898 ه - 1978 م مطبعة الحضارة العربية مصر ص 213 - 223.
(3) انظر في ظلال القرآن الكريم 1/ 75.

الصفحة 365