كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

لا يستطيعون ولو اجتمع إنسهم وجنهم على هذا الأمر قال سبحانه: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ولَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ «1» وقد استعمل القرآن ضدهم كل أنواع التحدي، من إغراء واستفزاز وغير ذلك؛ ليبذلوا ما شاءوا من محاولات وليبذلوا قصارى جهدهم ولكنهم عجزوا فبانت قدرته سبحانه وبان عجز المخلوقين وظهر أن القرآن كلامه وحده دون سواه لا كما يزعم بعض هؤلاء المستشرقين الذين يعتبرونه كلام بشر سواء جعلوه من صنع محمد نفسه - عليه الصلاة والسلام - أو من كلام سواه.
المبحث الثاني: شبه المستشرقين حول الوحي:
تقديم:
سبق أن وقف الوثنيون من القرآن الكريم موقفا لا يدل على عقلانية ولا على صدق مع أنفسهم. حيث لم يعتبروا القرآن الكريم وحيا إلهيا واعتبروه من صنع بشر.
وقد اتخذ هذا الموقف صورا عدة منهم، منها:
قولهم عنه أنه أساطير الأولين، أو محض اختلاق أو أنه كهانة أو سحر إلى غير ذلك من الأقوال المفتراة.
وكل هذه الأقوال ينقضها العقل ويكذبها الواقع.
وشاء اللّه - سبحانه - أن يعيد التاريخ نفسه في وقتنا الحاضر فيأتي المستشرقون ليرددوا تلك العبارات الساذجة في كتبهم ومقالاتهم ومحاضراتهم. بل ويزيدوا عليها أقوالا أخرى يكذبها الواقع ويردها العقل المستنير، والحاضر المتمدن فحاولوا أن يدلسوا على الناس فريتهم، فكان من أقوالهم أن القرآن من صنع محمد
______________________________
(1) سورة البقرة: 24.

الصفحة 371