كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

القرآن، فمنها: أن اللّه خاطب محمدا بشكل إيحائي ومن وراء حجاب أو بوساطة مراسل على صورة ملاك. ولهذا جاءت كلمة وحي لتدل على إيحاء من اللّه لرسوله على غرار الأنبياء الذين أوحى لهم. كما أن القرآن يستعمل اصطلاحا بأن القرآن نزل على الرسول، فهذه الطريقة تدل على نوع من الخيال دون أن يكون هنالك صورة مرافقة لتوصيل هذا الخيال.
وأما الطريقة الثالثة في إيصال القرآن للنبي فهي عن طريق ملاك دون أن تذكر أن اسمه كان جبرائيل] «1».
هكذا نلاحظ أن الموسوعة البريطانية قد أخطأت في تصورها لأنواع الوحي الذي نزل على محمد - صلّى اللّه عليه وسلّم - وهذا الخطأ - يبدو لي - ناتج عن سوء فهمهم لتفسير قوله تعالى: وما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ «2».
وتفسير الآية: يبين اللّه سبحانه وتعالى أن تكليمه لأنبيائه - عليهم السلام - وتبليغ هؤلاء الرسل رسالات اللّه لا يخرج عن واحدة من طرق ثلاثة:
الطريقة الأولى:
طريق الوحي والمقصود هنا إلهاما وقذفا في القلب منه بلا واسطة. وهو أن يلقي سبحانه في قلب نبيه الذي اختاره من خلقه ما يشاء من الأحكام والمعاني.
الطريقة الثانية:
التكليم من وراء حجاب دون أن يراه كما كلم موسى - عليه السلام - وتتمثل هذه الطريقة بسماع النبي المرسل صوتا دون أن يرى صاحب هذا
______________________________
(1) انظر كتاب قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية - د/ فضل عباس ص 172.
(2) انظر سورة الشورى آية: 51.

الصفحة 373