كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

وبقي هناك أمران:
الأمر الأول:
عبارتهم [كما أن القرآن يستعمل اصطلاحا بأن القرآن نزل على الرسول، فهذه الطريقة تدل على نوع من الخيال دون أن يكون هنالك صورة مرافقة لتوصيل هذا الخيال].
هذا ناتج عن فهمهم أن الإنزال ليس بوساطة ملك، وفسروا الإنزال تفسيرا حرفيا، ولهذا قالوا ما قالوه ولو أنهم فهموا الآية فهما صحيحا لما وقعوا في هذا الخطأ. كما أن كثيرا من علماء الإسلام يفسرون الإنزال بمعنى الإعلام، «1» فمعنى إنزال اللّه القرآن إعلام نبيه به.
والإنزال لم يكن خاصية للقرآن وحده وإنما كان عاما للكتب السماوية جميعها قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً ونُورٌ «2» وقال سبحانه:
وَ لْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ «3» فالقرآن الكريم كغيره في صفة الإنزال.
أما الأمر الثاني:
عدم تعيين اسم الملاك أنه جبريل وهذا مدعاة للاستغراب والعجب، فهل كان الأمر تجاهلا أو ناتجا عن سوء فهم، مع أن القرآن الكريم نفسه ينص عليه صراحة سواء باسمه أو بوصفه قال تعالى: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ «4» وقال تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ «5» والروح هو جبريل - عليه السلام -.
______________________________
(1) انظر كتاب قضايا قرآنية ص 174.
(2) سورة المائدة: 44.
(3) سورة المائدة: 47.
(4) سورة البقرة: 97.
(5) سورة الشعراء: 193.

الصفحة 375