كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

وقد كان الوحي يفتر عنه فترات وهو بأشد الحاجة إليه ولا يجد جوابا لما سألوه، أو بما تحدوه. كما أن الوحي ليس إلهاما فقط بل هو إخبار من اللّه سبحانه لنبيه - صلّى اللّه عليه وسلّم - بواسطة أو بدون واسطة، ويكون قلبيا أو قلبيا وسمعيا، أو قلبيا وسمعيا وبصريا.
روى السيوطي في كتابه لباب النقول في أسباب النزول حيث قال:
أخرج ابن جرير من طريق ابن إسحاق عن شيخ من أهل مصر عن عكرمة عن ابن عباس قال: «بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة فقالوا لهم سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته، وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى أتيا المدينة، فسألوا أحبار اليهود عن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - ووصفوا لهم أمره، فقالوا لهم: سلوه عن ثلاث إن أخبركم بها فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول.
سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم فإنه كان لهم أمر عجيب، وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه، وسلوه عن الروح ما هو. فأقبلا حتى قدما على قريش فقالا قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد. فجاءوا رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فسألوه: فقال: أخبركم غدا بما سألتم عنه ولم يستثن، فانصرفوا ومكث رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - خمس عشرة ليلة لا يحدث اللّه في ذلك إليه وحيا، ولا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة وحتى أحزن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - مكث الوحي عنه وشق عليه ما تتكلم به أهل مكة ثم جاءه جبريل من اللّه بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم، وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف وقول اللّه يسألونك عن الروح» «1».
______________________________
(1) كتاب النقول في أسباب النزول حاشية على تفسير الجلالين - طبعة عبد الحميد حنفي مصر ص 229 - 230.

الصفحة 385