كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

قبل الكهنة، ومن قبل المنجمين .. ] «1» اه.
وقد اعتبر بعضهم أن الوحي من حالات هؤلاء الكهنة والمنجمين والسحرة.
الجواب:
إن كون أسلوب القرآن مشابها لأساليب الكهنة والمنجمين أو السحرة من قبل أمر لم يقبله العرب الذين لم يكونوا أقل حقدا، ولا أقل كراهية للإسلام ممن جاء بعدهم بعامة ومن كتاب الموسوعة بخاصة، ولم يزعموا كما زعم المستشرقون أن الوحي صادر عن حالة من حالات الكاهن أو الساحر أو المنجم.
وها هو الوليد وعتبة بن ربيعة وغيرهما يردون بكل حزم ويرفضون بكل إنصاف أن يكون أسلوب القرآن مشابها لأسلوب الكهان وسجعهم أو المنجمين وكلامهم، أو السحرة ونفثهم، ولم يقولوا إن حالة صدور الوحي عنه كحالة هؤلاء مع إنهم معاصرون له، ومن أكثر الناس خبرة بذلك.
ولقد روت لنا كتب الأدب والتاريخ شيئا من هذا السجع، أعني سجع الكهان والمنجمين، وأفعال السحرة وكلامهم، وعن أحوالهم حين صدور ذلك عنهم. فالمنصف لا يرتاب في أن أسلوب القرآن ونظمه، والحالة التي يكون فيها ناقله للناس عليه الصلاة والسلام يختلف كلية عن أولئك المذكورين، لذا نفى سبحانه أن تكون حالته كحالتهم أو كلامه ككلامهم قال سبحانه: فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وما لا تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ ولا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ «2».
ذكر مقاتل أن سبب نزول هذه الآيات أن الوليد قال: إن محمدا - صلّى اللّه عليه وسلّم - ساحر، وقال أبو جهل: شاعر، وقال عتبة: كاهن، فرد اللّه تعالى عليهم بهذه
______________________________
(1) انظر قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية، د/ فضل عباس ص 42.
(2) سورة الحاقة: 38 - 42.

الصفحة 395