كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

الآيات «1» هذه المزاعم والأكاذيب؛ لأن عدم مشابهة القرآن الشعر أمر بين لا ينكره إلا معاند. بخلاف مباينته للكهانة فإنها تتوقف على تذكر أحواله - صلّى اللّه عليه وسلّم - ومعاني القرآن المنافية لطريق الكهانة ومعاني أقوالهم «2» وكل ذلك كان واضحا جليا ومعروفا لدى معاصريهم. فهذا النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - يزجر أحد السائلين بأسلوب الكهان وسجعهم حين قال: [يا رسول اللّه، كيف أغرم من شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل؟ «3» فمثل ذلك يطل] «3» فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - «إنما هذا من إخوان الشياطين» «5» من أجل سجعه الذي سجع فقد اعتبر رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - من يسجع بأسلوب الكهان من إخوان الشياطين، لذا نهى أن يفعل أحدهم فعلهم، أو يقول بقولهم.
ولكن المستشرقين والمبشرين على حد سواء جهدهم وهمهم أن يوجهوا إلى هذا القرآن كل مطعن بقطع النظر عن المقاييس النقدية، والأسس المنطقية، والمنهج العلمي، كما هو الحال في هذه الموسوعة التي جانبت الحق في هذه المزاعم «6» وألقت الكلام دون تدقيق.
ولكن اللّه سبحانه اقتضت حكمته أن لا يسوي بين الصادق والكاذب نقل الأستاذ حسن عتر حفظه اللّه عن الإمام ابن تيمية قوله: (فإنه يمتنع في حكمة الرب وعدله أن يسوي بين هؤلاء خيار الخلق، وبين هؤلاء شرار الخلق لا في سلطان العلم وبراهينه وأدلته ولا في سلطان النصر والتأييد. بل يجب في حكمته أن يظهر الآيات والبراهين الدالة على صدق هؤلاء وينصرهم ويؤيدهم ويعزهم ويبقي لهم سلطان الصدق، ويفعل ذلك بمن اتبعهم، وأن يظهر الآيات
______________________________
(1) انظر تفسير روح المعاني للآلوسي - طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت 29/ 52 - 55.
(2) معاني القرآن - للآلوسي 29/ 53 - 54.
(3) ولا استهل: ولا صاح عند الولادة ليعرف به أنه مات بعد أن كان حيا، ويطل: يهدر ولا يضمن.
(5) صحيح مسلم - للإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري، كتاب القسامة - باب (دية الجنين) .. إلخ 3/ 1310 حديث رقم 1681.
(6) قضايا قرآنية ص 42 - 46.

الصفحة 396