كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

فضائل أهل البيت فيها ناسبين ذلك للصحابي الجليل أبي بن كعب. فالناظر إليه من أول وهلة يشم منه رائحة الكذب والافتراء حتى قال الإمام الباقلاني في ذلك:
[هذا شيء لا يصح عن أبي ولو صح فمعناه أنها نسخت تلاوتها وأزيلت، لأنه لم يقل فرطنا فيها ولا ضيعناها، وكيف يصح أن يضيع أو يفرط وهو الذي أدخل في مصحفه القنوت الذي ليس هو قرآنا من شدة احتياطه وقوة اجتهاده «1» كما ذكر المستشرقون.
وقد أخذ هذه الافتراءات المستشرقون كأمور مسلمات فرحين بها وكأنها صيد سمين وهذه الأقوال وأمثالها دعت الشيعة للاعتقاد الفاسد أن القرآن لم يجمع لصحابي من الصحابة أو لمسلم من المسلمين قط، وإنما جمع فقط لعلي - رضي اللّه عنه - ولأئمتهم لذا قال صاحب الكافي: (باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة - عليهم السلام - وأنهم يعلمون علمه) «2» وذلك كله ليستدلوا منه على نقص القرآن الكريم لذا نقل «بيرتون في كتابه (جمع القرآن) رواية نسبها لابن عمر متأثرا بأقوال الشيعة حيث قال: [لا تجعلوا أحدكم يقول: لقد حصلت على مجمل القرآن فكيف يتسنى له أن يعرف ما ذا كان ذلك المجمل؟ إن كثيرا من القرآن قد ذهب فليقل بدلا من ذلك: لقد حصلت على ما ظل موجودا].
ونقل عن زيد: [لقد مات النبي ولم يكن قد تم جمع القرآن في أي مكان] «3».
كل ذلك ليؤكدوا أن القرآن أصابه النقص ولم يجمع بتمامه.
وهذه الفرقة التي اعتمد أقوالها المبشرون والمستشرقون على السواء طاعنين في كتاب اللّه سبحانه نشأت بعد موت النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - بخمس وعشرين سنة، وقد انتشرت المصاحف في الأصقاع الإسلامية وحفظها الصغار قبل الكبار دون
______________________________
(1) انظر نكت الأنصار ص 95 - 96.
(2) تعريف بمذهب الشيعة الإمامية ص 82.
(3) جمع القرآن لبيرتون ص 117 - 118.

الصفحة 421