كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

كان ذلك بجهد شخصي من بعض الصحابة وفي بعض المناسبات، وأن الجمع الفعلي كان في المدينة المنورة بعد هجرته - صلّى اللّه عليه وسلّم - تأثرا باليهود.
وقد استدلوا على ذلك بعدة أدلة منها:
1 - رواية عبد اللّه بن عمر أنه قال: «لا تجعلوا أحدكم يقول: لقد حصلت على مجمل القرآن، فكيف يتسنى له أن يعرف ما ذا كان ذلك المجمل؟
إن كثيرا من القرآن قد ذهب. فليقل بدلا من ذلك: لقد حصلت على ما ظل موجودا».
2 - رواية منسوبة لزيد بن ثابت حيث قال فيها:
«لقد مات النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - ولم يكن قد تم جمع القرآن في أي مكان» «1».
الجواب:
يحمل الجمع النبوي في عهده - صلّى اللّه عليه وسلّم - معنيين: الحفظ في الصدور:
وحفظ السطور.
أما الأول: فيدل عليه قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ «2» فقد ضمن حفظ هذا القرآن في صدره - عليه الصلاة والسلام - وصدر مجموعة من صحابته فإن كان عدد الحفظة لكل ما كان ينزل بالعشرات، فإن حفظة الأجزاء منه والسور والآيات يعدون بالمئات، وكان عددهم في ازدياد باستمرار لما لهذا القرآن عند المسلمين من قدسية ومحبة، ولأنهم كانوا يعتبرونه من أعظم الطرق التي تقربهم إلى اللّه سبحانه وتعالى.
______________________________
(1) انظر جمع القرآن لبيرتون ص 117، ومقدمة القرآن - بلاشير ص 41، ومقدمة القرآن واط ص 51، والقرآن والمستشرقون - رابح جمعة ص 78، والموسوعة البريطانية نقلا عن كتاب قضايا قرآنية ص 216.
(2) سورة القيامة: 17.

الصفحة 437