كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

أما حفظه في السطور فالمعروف أن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - كان أميا لم يكتب بيده الشريفة شيئا ولكنه كان قد اتخذ كتبة لكافة أغراضه واحتياجاته للوحي والمراسلات والخطابات بلغوا الأربعين ونيفا «1».
فكان إذا نزل شيء من القرآن على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - استدعى بعض كتبته وأمر بتسجيلها ثم حفظها لبعض صحابته «2» وكانت كتابتهم للقرآن الكريم على اللخاف، والعسب، والأكتاف، والأقتاب، وقطع الأديم.
أما الأدلة التي استدلوا بها فلنا عليها تعليق.
هذه الروايات مما استدل به الشيعة على نقصان القرآن الكريم وإسقاط شيء منه فرواية عبد اللّه بن عمر إن صحت الرواية فالمراد بها النهي عن حفظ كل ما نزل من القرآن ناسخه ومنسوخه، لأن من القرآن ما نسخت تلاوته بعد نزوله فالواجب أن يقول حفظت من القرآن غير منسوخ التلاوة. وأيدوا أدلتهم المدعاة بدليل آخر وهو قولهم: «ما عندنا إلا كتاب اللّه وما في هذه الصحيفة» فالمقصود بالصحيفة هنا الأحكام التي كتبها عن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم -.
ولم ينف أن عنده أشياء أخرى من الأحكام التي لم يكن كتبها أو أراد:
ما ترك مما يتعلق بالإمامة، أي لم يترك شيئا يتعلق بأحكام الإمامة إلا ما هو بأيدي الناس. وهذا رد صريح على دعاوي الرافضة ومزاعم المستشرقين الذين تلقفوا إفكهم هذا وهو حذف شيء من القرآن الكريم لمصلحة تخصهم «3» والشاهد في قوله: «ما ترك إلا ما بين الدفتين» أي من القرآن الذي يتلى لأن ما سواه مما نسخت تلاوته في حياة النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم -.
______________________________
(1) انظر كتاب النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - د/ محمد الأعظمي.
(2) انظر كتاب صحيح البخاري 5/ 183 كتاب التفسير وفتح الباري 9/ 22.
(3) انظر فتح الباري لشرح صحيح البخاري 9/ 64 - 65، طبعة دار المعرفة بيروت (بتصرف).

الصفحة 438