كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

الرواية الثانية:
التي استدلوا بها على عدم جمع القرآن في عهده الشريف الرواية المنسوبة لزيد بن ثابت وهي قوله:
«لقد مات النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - ولم يكن قد تم جمع القرآن الكريم في أي مكان».
فقد ذكرها السيوطي في إتقانه ونقل توضيح الخطابي لمقصودها حيث قال: «إنما لم يجمع - صلّى اللّه عليه وسلّم - القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته ألهم اللّه الخلفاء الراشدين ذلك وفاء بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة فكان ابتداء ذلك على يد الصديق بمشورة عمر» «1».
أما ما أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - «لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي - قال همام: أحسبه قال: - متعمدا - فليتبوأ مقعده من النار» «2».
قال «القاضي»: كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم. فكرهها كثيرون منهم، وأجازها أكثرهم. ثم أجمع المسلمون على جوازها وزال ذلك الخلاف. واختلفوا في المراد بهذا الحديث الوارد في النهي.
فقيل: هو في حق من يوثق بحفظه ويخاف اتكاله على الكتابة إذا كتب.
وتحمل الأحاديث الواردة بالإباحة على من لا يوثق بحفظه كحديث «اكتبوا لأبي شاة» .. وحديث أن ابن عمرو بن العاص كان يكتب ولا أكتب .. وغير
______________________________
(1) الإتقان - للسيوطي 1/ 57.
(2) صحيح مسلم 4/ 2298 - 2299 كتاب الزهد والرقائق.

الصفحة 439