كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

ذلك من الأحاديث.
وقيل: إن حديث النهي منسوخ بهذه الأحاديث. وكان النهي حيث خيف اختلاطه بالقرآن فلما أمن ذلك؛ أذن في الكتابة.
وقيل: إنما نهى عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشتبه على القارئ «1».
فالنهي يكون عن كتابة مخصوصة وبصفة مخصوصة. أما القرآن الكريم فالشواهد على كتابته وملازمتها للحفظ واردة بأحاديث كثيرة منها حديث زيد نفسه والبراء بن عازب - رضي اللّه عنهما - في صحيح البخاري قال: «لما نزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين قال النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - ادعوا فلانا - فجاءه ومعه الدواة واللوح أو الكتف فقال: اكتب «لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل اللّه» وخلف النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - ابن أم مكتوم. فقال:
يا رسول اللّه أنا ضرير فنزلت مكانها لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ والْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ «2» «3».
وزيد نفسه هو الذي قال: «كنا عند رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - نؤلف القرآن من الرقاع .. » «4».
وهذا نص صريح يدل على أن القرآن كان مكتوبا على أشياء متعددة وفي أماكن مختلفة ولكنه لم يكن مرتب السور ولكنه مرتب الآيات بدليل رواية عثمان - رضي اللّه عنه - قال: «كان رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - مما يأتي عليه الزمان، وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: «ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا»
______________________________
(1) حاشية صحيح مسلم 4/ 2298 كتاب الزهد والرقائق حديث رقم (3004).
(2) سورة النساء: 95.
(3) انظر صحيح البخاري 5/ 183 كتاب التفسير، تفسير سورة النساء.
(4) انظر المستدرك للحاكم 2/ 229 كتاب التفسير.

الصفحة 440