كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)
الدول الإسلامية، وعزل الشريعة الإسلامية عن التطبيق في المجتمع المسلم، وإحلال الأنظمة الوضعية القانونية والسياسية والتربوية محل أنظمة الإسلام العظيم بالقوة.
8 - التنفير من العودة للخلافة الإسلامية:
لا شك أن الخلافة الإسلامية من أهم العوامل في توحيد المسلمين وجمع كلمتهم، وإعادة مجد قوتهم وعزتهم؛ لذا ركز المستشرقون والمبشرون والمستعمرون في دراساتهم وأعمالهم للحيلولة بين المسلمين وهذا المطلب العزيز؛ فأخذ المستشرقون على عاتقهم نشر كل ما يسيء للخلفاء بتوهين شخصياتهم وتشكيك الناس في حسن أخلاقهم وإداراتهم، فأخذوا يكيلون لهم كل تهمة باطلة كما هو الحال مع الخليفة الصالح «هارون الرشيد» الذي يعتبرونه رجل مجون وفسق زورا وبهتانا، ناقلين أخباره من كتب غير علمية، وأكثر ما هاجم هؤلاء المستشرقون الخلافة العثمانية التي تآمر المستعمرون واليهود على إسقاطها والتي يسعى المستشرقون والمبشرون والمستعمرون من الدول الكبرى من الحيلولة دون رجوعها إلى البلاد الإسلامية «1».
وكما ركز المستشرقون في دراساتهم المصدرة لنا بحروبهم النفسية لتحطيم الشخصية الإسلامية كزعمهم أن الناس أجناس فالغرب جنس آري فطر على الذكاء والنبوغ والمواهب والعلم والعبقرية، وأن الشرق جنس سامي لا يرقى لهذا المستوى وليس هو بأهل له فالغرب غرب والشرق شرق، كما بثوا زعمهم أن العوالم دول صناعية متقدمة وهي دول الغرب، ودول نامية متخلفة يقصدون بذلك ما سواهم، حتى يرسخوا في نفوس المسلمين أنهم شعوب متخلفة لا ترقى لمصاف الدول المتقدمة، وشنوا حربهم على كل بادرة تقدم في ديارنا ونهبوا خيرات بلادنا باشتراء مواردنا الخام بأرخص الأثمان ليصنعوا منها أسلحتهم، وصناعاتهم بأنواعها وأخذوا يبيعونها في البلاد الإسلامية بأغلى الأثمان.
______________________________
(1) وحي اللّه - د. عتر ص 42 - 43.
الصفحة 45
972