كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

الشبهة الثالثة: صحيفة أخت عمر بن الخطاب.
زعم «بلاشير» أن صحيفة أخت عمر بن الخطاب التي كانت عند ختنه غير صحيحة؛ وذلك ليثبت أن القرآن الكريم لم تبدأ كتابته إلا في المدينة المنورة سنة (622 م) تأثرا باليهود. بناء على ما كان يرجحه «بلاشير» «1».
الجواب:
هذه القضية من جملة أخطاء المستشرقين التاريخية التي تفضحها كتب التاريخ والسير ليحاولوا إثبات أن الكتابة لم تبدأ في مكة المكرمة وأن بدايتها كان في المدينة المنورة تأثرا باليهود الذين كان لهم كتاب فرغب رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أن يكون له كتاب مثلهم فشرع بها.
أما مسألة تأثر الرسول - صلّى اللّه عليه وسلّم - باليهود فإن التاريخ يكذبه، بل كان حريصا كل الحرص أن يكون الإسلام فريدا في كل شيء غير مقلد أو محاك لأي من الدينين في شيء فلما كثر ذلك منه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أثار هذا حفيظة اليهود فصرحوا بقولهم: [ما يريد محمد إلا خلافنا].
كما أني قد ذكرت سابقا أن أمر الكتابة كان معروفا في مكة لكونها بلدا تجاريا، وإن كان على نطاق ضيق. وقد ذكرت كذلك أن الكتابة بطريق رسمي بأمر من رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - كانت ملازمته لحفظ الكتاب العزيز من أجل التوثيق، كما أن الصحابة - رضوان اللّه عليهم - لحرصهم على حفظ ما ينزل كان كثير منهم ممن يجيد الكتابة ينسخ له نسخة خاصة يرجع إليها وقت حاجته، ويكتب عليها بعض تعليقاته من حكم، أو تفسير غريب أو غير ذلك. واشتهر
______________________________
(1) انظر مقدمة القرآن - بلاشير ص 15.

الصفحة 451