كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

من أصحاب المصاحف الخاصة عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي ابن كعب، وعبد اللّه بن مسعود، وعبد اللّه بن عباس، وعبد اللّه بن الزبير، وعبد اللّه بن عمرو، ومصاحف أزواج النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - عائشة، وحفصة، وأم سلمة - رضوان اللّه عليهم أجمعين - «1».
فهذه المصاحف تشهد أن كتابة القرآن كانت منتشرة منذ العهد النبوي وأن ما زعمه «بلاشير» وغيره لم يكن صحيحا، بل ينقصه التوثيق والتدقيق العلميان. أما بالنسبة لصحيفة أخت عمر التي شككوا في صحتها فقد أثبتها الإمام ابن سعد في طبقاته خلال سرده لقصة إسلام عمر بن الخطاب - رضي اللّه عنه - قال ابن سعد: [أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق قال: أخبرنا القاسم بن عثمان البصري عن أنس بن مالك قال: خرج عمر متقلدا السيف، فلقيه رجل من بني زهرة، قال: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمدا، قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا؟ قال: فقال عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه، قال: أ فلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه. قال: فمشى عمر ذامرا حتى أتاهما وعندهما رجل يقال له: خباب. قال: فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت، فدخل عليهما. فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ قال: وكانوا يقرءون «طه» فقالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا. قال:
فلعلكما قد صبوتما؟ قال: فقال له ختنه: أ رأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ قال: فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدا، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها، فنفحها بيده نفحة فدمى وجهها فقالت وهي غضبى يا عمر: إن كان الحق في غير دينك أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمدا رسول اللّه.
فلما يئس عمر قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه. قال: وكان عمر يقرأ الكتب. فقالت أخته: إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل أو توضأ. قال: فقام عمر فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ «طه» حتى
______________________________
(1) انظر كتاب المصاحف لابن أبي داود ص 60 وما بعدها.

الصفحة 452