كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

الشبهة الثانية: دافع أبي بكر للجمع:
زعم بعض المستشرقين أن الدافع لأبي بكر - رضي اللّه عنه - في جمع القرآن كان لغرض خاص به وهو أن لا يكون أقل من بعض الصحابة الذين كانوا يملكون مصحفا خاصا بهم ولم يكن هو يملك ذلك «1».
الجواب:
لقد بينت سابقا أن الجمع لم يكن ابتداء من أبي بكر - رضي اللّه عنه - بل كان بإشارة من عمر بن الخطاب - رضي اللّه عنه - وقد ذكرت رواية البخاري أن أبا بكر تمنع في بادئ الأمر خوفا من أن يفعل شيئا لم يفعله رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - لذا قال لعمر: ( .. كيف تفعل شيئا لم يفعله الرسول - صلّى اللّه عليه وسلّم .. ) قال ابن بطال مبينا سبب تمنع أبي بكر - رضي اللّه عنه - وتمنع زيد بادئ الأمر:
لأنهما لم يجدا رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فعله فكرها أن يحلا أنفسهما محل من يزيد احتياطه للدين على احتياط الرسول - صلّى اللّه عليه وسلّم - وزال هذا التحرج عند ما أقنعهما عمر - رضي اللّه عنه - بفائدة ذلك: وهو خشية أن يتغير الحال في المستقبل إذا لم يجمعا القرآن فيصير إلى الخفاء بعد الشهرة «2».
فالدافع إذا خوفه من ضياع شيء من القرآن الكريم بموت حفظته في معارك الإسلام أو تلف شيء من القطع التي كتب عليها القرآن مع مر السنين. لا كما زعم بعض المستشرقين وعلى رأسهم «واط» و «بلاشير» أن الدافع كان مباهاة من أبي بكر ليتساوى مع من عنده نسخة خاصة به من هذا المصحف.
______________________________
(1) مقدمة القرآن - واط ص 41، ومقدمة القرآن - بلاشير ص 41.
(2) فتح الباري شرح صحيح البخاري 9/ 13.

الصفحة 460