كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

للخليفة الثالث عثمان بن عفان - رضي اللّه عنهما - عند ما أراد اعتمادها كأصل لكتابة مصحفه العثماني إلا بعد اشتراطها عليه أن يرجعها لها بعد نسخه للصحف وبقيت عندها - رضي اللّه عنها - إلى أن توفيت. ثم طلبها مروان بن الحكم من عبد اللّه بن عمر - رضي اللّه عنه - فسلمها له فغسلها وأحرقها، خوفا أن تسبب شكا في نفوس بعض المسلمين إن شيئا منها لم يكتب «1».
وقد حاول «بلاشير» أن يثير زوبعة من الشكوك حول هذه الصحف وأنها لا تصلح أن تكون أساسا لجمع عثمان على اعتبار أنه لا فرق بينها وبين أي صحف خاصة بالصحابة - رضوان اللّه عليهم «2».
هذا الكلام يخلو من الدقة العلمية، والوثائق التوثيقية. لأن هذه الصحف التي هي مصحف أبي بكر تعتبر مصحفا رسميا؛ لأنها تضافرت عليها الجهود وتوفرت لها العوامل لتكون في أعلى مراتب التوثيق والدقة مما لا يتطرق إليها الشك ولا الارتياب. حيث اعتمدوا على الأمور التالية عند تدوين هذه الصحف:
1 - حفظ اللجنة المكلفة للجمع لكتاب اللّه سبحانه وتعالى - وعلى رأسها زيد بن ثابت، وعمر بن الخطاب - رضي اللّه عنهما -.
2 - سلامة الأدوات التي كتب عليها النص كاللخاف، والعسب، والرقاع، والعظام، وغيرها من الأدوات المستعملة في ذلك العصر للكتابة.
3 - حفظ الصحابي لما عنده من قرآن في صدره.
4 - كتابة نفس القطعة المكتوبة بين يدي رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وبأمره من قبل كتبة الوحي.
5 - شهادة شاهدين على أن المكتوب كتب بين يدي رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وهذا على قول أن الشاهدين رجلان.
هذه الأمور التوثيقية التي نالتها هذه الصحف لم تنلها أي صحف خاصة
______________________________
(1) انظر فتح الباري 9/ 16، ومباحث في علوم القرآن - صبحى الصالح ص 77.
(2) نفس المرجع 9/ 20 كتاب فضائل القرآن، وكتاب المصاحف ص 33.

الصفحة 462