كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

والذي يؤكد أن هاتين الآيتين كانتا محفوظتين عند كثير من الصحابة أن عهدة التبليغ التي هي مطلوبة من الرسول - صلّى اللّه عليه وسلّم - تقتضي أن يكون التبليغ عاما، وليس خاصا بصحابي واحد كأبي خزيمة لأن الواحد يجوز عليه النسيان والغفلة والإهمال في التبليغ.
وهذا ممتنع في حق الجمهرة من الناس. ولا يمكن الخروج من عهدة التبليغ إلا بتحقيق الغاية والمراد منه.
وكتابتهما دليل على وجودهما عند جمهرة من الصحابي «1».
الخلاصة:
مما تقدم يتضح لنا أن الجمع الذي تم على يد زيد بن ثابت في خلافة أبي بكر - رضي اللّه عنه - إنما هو جمع ماكت، وكان مفرقا في حياة النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - على الألواح، والأقتاب، والعسب وغيرهم، فنسخه في مصحف واحد، وهو أشبه ما يكون بكتاب مفرق الأوراق في بيت فجمعت الأوراق بعضها إلى بعض وربطت بخيط.
مميزات هذا الجمع:
1 - أنه اقتصر على ما اثبتت قرآنيته تواترا، ولم تنسخ تلاوته.
2 - أنه جمع بين دفتي مصحف واحد.
3 - أنه جمع رتبت فيه الآيات والسور على ما كانت عليه التلاوة في عهده - صلّى اللّه عليه وسلّم -.
4 - أنه كان مكتوبا بشكل يحتمل القراءة بالأحرف السبعة التي نزل بها القرآن «2».
______________________________
(1) انظر فتح الباري 19 - 14 - 16 كتاب فضائل القرآن (بتصرف) ومباحث في علوم القرآن - صبحي الصالح ص 76.
(2) انظر الوحي والقرآن الكريم - الذهبي ص 132، والمدخل لدراسة القرآن الكريم لأبي شبهة ص 273.

الصفحة 464